البيت الألماني في صنعاء: سفير دائم لثقافة غوته في اليمن
٢٦ أكتوبر ٢٠٠٦تبلورت فكرة إنشاء "البيت الألماني للتعاون والثقافة" في صنعاء في بداية عام 2000 من خلال بعض المتطوعين ألألمان واليمنيين. ودخلت الفكرة حيز التنفيذ عام 2001 عندما بدأ "البيت الألماني" نشاطاته في العاصمة اليمنية صنعاء كمؤسسة ثقافية غير حكومية وغير ربحية يتم تمويل نشاطاتها من خلال الدعم الذي تقدمه وزارة الخارجية الألمانية، إضافة إلى التبرعات، التي تقدمها المنظمات والشركات الألمانية الناشطة في اليمن، علما بأن جميع العاملين في هذه المؤسسة هم متطوعون لا يتقاضون أجورا على عملهم في هذا البيت الثقافي الفريد من نوعه. ومنذ عام 2003 زادت شهرة البيت الألماني كمركز ثقافي وكقنطرة للحوار المباشر والتواصل بين الثقافتين الألمانية واليمنية كما تحول هذا المكان إلى قبلة للباجثين والمبدعين والدارسين.
نافذة على ثقافة الآخر
وفي لقاء خص به موقعنا تحدث رئيس مجلس الاإدارة والمدير المنتدب للبيت الألماني غيدو تسيبيش عن طبيعة نشاط "البيت الثقافي" بكثير من الحماس والفخر مشيرا إلى أن مؤسسته تخطط للاحتفال هذا العام بعيد ميلادها الخامس "بشكل مميز". كما أشار إلى أن البيت الألماني أصبح في غضون الثلاث سنوات الماضية عنوانا معروفا ومشهورا في اليمن من خلال برنامجه الثقافي الحافل الموجه للجمهور اليمني والألماني والعالمي. ويضيف المسئول الألماني إن البيت الألماني يعد النافذة التي يتم من خلالها نقل صورة واقعية عن الحياة في ألمانيا إلى اليمن والعكس.
وتهدف القضايا، التي يتم تناولها، سواء كانت من خلال الأفلام أو المحاضرات أو المعارض الفنية، إلى إلقاء الضوء على طبيعة القضايا المثيرة للنقاش على الساحتين اليمنية والألمانية مثل مسألة الهجرة، التعددية الدينية، والأقلية المسلمة في ألمانيا. ويضرب الدبلوماسي الألماني لدى سفارة ألمانيا في صنعاء والمتطوع في البيت الألماني للثقافة، امثلة عملية على الدور الهام الذي يقوم به البيت الالماني. ويشير في هذا الصدد إلى معرض للصور بعنوان "نحن انتم" تم من خلاله بواسطة الصورة إبراز طبيعة القضايا الحياتية اليومية في البلدين وأوجه التشابه والاختلاف بين الثقافتين. كما أشار إلى مثال أخر أيضا تمثل في "الحملة المصغرة الخاصة" التي قام بها البيت الألماني بهدف رصد آراء الناس "العاديين جدا" حول قضية إعادة الوحدة بين شطري اليمن وبين شطري ألمانيا كإحدى أوجه الشبه بين البلدين.
بوتقة للحوار والتبادل الثقافي ...
تتمحور أنشطة هذه المؤسسة الثقافية حول دفع عجلة عملية التبادل الثقافي بأشكالها المختلفة والممكنة والتي يتم تنفيذها وفقا لبرنامج عمل شهري. وفي هذا السياق يلخص تسيبيش دور مؤسسته في تعميق عملية التبادل والتلاقح الثقافي بين الثقافة الألمانية والعربية الإسلامية في اليمن. كما تجدر الإشارة إلى أن البيت الألماني يقوم بشكل دوري بتنظيم الفعاليات الثقافية والفنية والموسيقية المختلفة كالمحاضرات والندوات والمعارض الفنية ذات الصلة بألمانيا، كذلك استضافة الفرق الموسيقية والشخصيات العامة والمتخصصين الألمان واليمنيين لإقامة الندوات والمحاضرات، التي تشكل الجزء الأكثر أهمية من أنشطة البيت الألماني في صنعاء. كما يقوم الكثير من الأكاديميين والعلماء الألمان واليمنيينن المشهورين منهم والناشئين على حد سواء، بتقديم نتائج أبحاثهم حول الشئون اليمنية والألمانية بصفة خاصة والعربية عموما في هذا الملتقي الثقافي. وفي العادة تشكل الأفلام الوثائقية والمعارض الفنية عن الحياة في اليمن وألمانيا محور جذب للجمهور المتطلع إلى معرفة ثقافة الأخر وطبيعة حياته. هذا ويلقى البرنامج الثقافي للبيت الألماني حفاوة بالغة من قبل الجمهور اليمني، الذي يكن لألمانيا حكومة وشعبا الكثير من الاحترام والتقدير. وتشير الأرقام إلى أن حوالي 57 فعالية ثقافية أقيمت في البيت الألماني خلال عام 2003 حضرها حوالي 950 من المهتمين.
....ومعهد لتعليم لغة غوته وشيلر
يعد تنظيم دورات لتدريس اللغة الألمانية أحد أهم المهام التي يقوم بها "البيت الألماني"، في الوقت الذي يزيد فيه عدد المقبلين على تعلم اللغة الألمانية في اليمن بشكل مضطرد. ويعود ذلك، في تقدير تسيبيش، إلى رغبة الكثير من الشباب اليمنيين في الدراسة في ألمانيا وسعيهم لتعلم لغة هذا البلد أملا في الحصول على مقعد دراسي في إحدى جامعاتها الشهيرة. وفي هذا السياق يعتبر تسيبيش البيت الألماني في صنعاء بمثابة "معهد جوته مصغر"، لأنه يتم هنا إقامة دورات اللغة الألمانية وتطبيق التبادل الثقافي على أرض الواقع. الجدير بالذكر أنه لا يوجد فرع لمعهد غوته في اليمن وإنما يقوم الفرع الإقليمي له في القاهرة بتغطية منطقة اليمن.
وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى انه توجد في البيت الألماني للثقافة في صنعاء مكتبة صغيرة أنشأها فرع معهد غوته في القاهرة. وتحتوي هذه المكتبة على عدد لا بأس به الكتب من مختلف التخصصات العلمية والأدبية، علاوة على المواد التي يحتاجها الباحث و الدارس. كما تضم كتبا صدرت بالألمانية وكتب مترجمة من الألمانية إلى العربية. يذكر أن هذه المكتبة بدأت عملها في عام 2004 بحوالي 2000 كتاب وأربعة أجهزة كمبيوتر موصولة بشبكة الإنترنت. وجاء الهدف منها، حسب تعبير المديرة الإقليمية لمعهد غوته "تقديم معلومات عن ألمانيا والثقافة الألمانية والارتقاء بحوار الثقافات بين البلدين والتعريف بالآخر". وبالإضافة إلى ذلك يقوم البيت الألماني، بدعم من وزارة الخارجية الألمانية، بإصدار بعض الكتب الأدبية المختارة، علاوة على تقديم عروض للكتب الجديدة ذات الصلة بألمانيا والعالم العربي.