البابا يدعو للسلام ويعبر عن قلقه إزاء هجرة المسيحيين من الشرق الأوسط
٦ يونيو ٢٠١٠ناشد البابا بنديكت السادس عشر اليوم الأحد (6 حزيران / يونيو) في قبرص المجتمع الدولي للتدخل من أجل منع "إراقة المزيد من الدماء" في الشرق الأوسط. وقال البابا في كلمة ألقاها في اليوم الثالث والأخير من زيارته إلى قبرص، "أكرر دعوتي الشخصية للقيام بجهود دولية وعاجلة لحل التوترات الحالية في الشرق الأوسط وخصوصا في الأراضي المقدسة قبل أن تدفع هذه النزاعات نحو مآس أكبر". ودعا البابا، الذي ترأس قداسا في ملعب رياضي بالعاصمة القبرصية نيقوسيا، شارك فيه نحو عشرة آلاف شخص، إلى تكثيف الجهود الدولية من أجل حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. وسلم في نهاية القداس بطاركة الشرق الكاثوليك وثيقة عمل تتضمن نقاطا أساسية حول وضع المسيحيين في الشرق الأوسط وعلاقتهم بمحيطهم. وتناقش هذه الوثيقة، التي تحمل اسم "آلية العمل"، في كافة الأبرشيات المسيحية لتعرض على "المجمع من أجل الشرق الأوسط"، الذي سيعقد في روما في تشرين الأول/أكتوبر القادم بحضور بطاركة الشرق، على أن يصدر في ختام أعماله " بيان رسولي" يتضمن النص النهائي حول وضع المسيحيين في الشرق الأوسط.
"هجرة المسيحيين من الشرق الأوسط بأنها إفقار لمجتمعاته"
وشدد البابا في الوثيقة على تداعيات النزاع العربي الإسرائيلي على وضع المسيحيين في الشرق الأوسط، الذين وصفهم بأنهم مهددون بـ "الاختفاء" بسبب نزيف الهجرة المتواصلة. وتقول الوثيقة إن تصاعد "الإسلام السياسي" في المجتمعات العربية والتركية والإيرانية يشكل "تهديدا للجميع بمن فيهم أتباع الديانتين المسيحية والإسلامية على حد سواء".ولفتت إلى أنه "مع صعود الأصولية الإسلامية تتزايد الهجمات ضد المسيحيين في كل مكان تقريبا ". وتُلقي الوثيقة أيضا باللوم على ما وصفته بـ"الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية" بسبب "منعه حرية الانتقال وإعاقة الحياة الاقتصادية والدينية". وانتقدت الوثيقة أيضا أن بعض الأصوليين المسيحيين يستخدمون النصوص التوراتية لتبرير الاحتلال الإسرائيلي، مشيرة إلى أن ذلك من شأنه أن "يجعل موقف المسيحيين العرب أمرا أكثر حساسية وحرجا".
وأعرب البابا في الوثيقة عن قلقه حول مستقبل المسيحيين، بحيث شدد على أنهم "مواطنون أصليون ينتمون حقا وقانونا إلى النسيج الاجتماعي وإلى الهوية ذاتها لبلادهم الخاصة". كما جاء في الوثيقة أن "اختفاء المسيحيين سيكون خسارة للتعددية، التي ميزت بلاد الشرق الأوسط"، وأن "غياب الصوت المسيحي سيتسبب في إفقار المجتمعات الشرق أوسطية". كما تطرقت الوثيقة إلى العلاقة مع المسلمين، وجاء فيها بهذا الخصوص ان "الكنيسة تنظر إليهم بتقدير" مضيفة "نحن بصفتنا مواطنين لبلد واحد، نتقاسم اللغة نفسها والثقافة عينها كما أفراح بلداننا وآلامها". من جهته، واعتبر البطريرك الماروني نصرالله صفير، الذي كان في عداد بطاركة الشرق، في تصريح لفرانس برس هذه الوثيقة "بأنها موجهة إلى المسيحيين وتدعوهم لرص الصفوف ليبقوا في أماكنهم". وأكد أن النزاع العربي الإسرائيلي يؤثر سلبا على مسيحيي الشرق لأن "حالات النزاع وعدم الوفاق والخروج على القوانين" تدفع المسيحيين أكثر فأكثر إلى الهجرة. فيما اعتبر بطريرك الروم الكاثوليك، غريغوريوس لحام، "أن غياب السلام هو التهديد الأكبر للوجود المسيحي، وليس الأصولية"، داعيا إلى أن "يكون هذا العام، الذي يشهد المجمع من أجل الشرق الأوسط، عام السلام في هذه المنطقة".
البابا ينفي الطابع السياسي لزيارته
واقتصر جدول زيارة البابا إلى قبرص، والتي استغرقت ثلاثة أيام، على منطقة القبارصة اليونانيين، جنوب الجزيرة، بحيث قال إن "زيارته ليس لها طابع سياسي". وتجنب التطرق إلى الموضوع الشائك الخاص بتقسيم الجزيرة. لكنه قال في كلمة إلى الأسقف كريسوستوموس الثاني، رئيس الكنيسة الأرثوذكسية في قبرص، إنه يأمل بأن "يجد الجميع الحكمة والقوة للعمل معا من أجل تسوية عادلة". وتضمنت زيارة البابا أيضا اجتماعا، لم يكن متوقعا أمس السبت، مع زعيم أحد زعماء القبارصة الأتراك المسلمين. وشهدت زيارة البابا، التي تعد الأولى بالنسبة له إلى دولة ذات أغلبية أرثوذكسية، معارضة من قبل البعض في قبرص، حيث نظمت مجموعة تضم حوالي 20 من المسيحيين الأرثوذوكس مظاهرة سلمية للاحتجاج على الزيارة خارج ملعب نيقوسيا الرياضي، حيث ترأس البابا قداسا وحملوا لافتات وصفت البابا بأنه "مرتد". في الوقت نفسه أبلغ رئيس القبارصة اليونانيين ديمتريس كريستوفياس البابا بأن التراث المسيحي في الجزيرة مهدد مع استمرار الاحتلال التركي. وقال كريستوفياس للبابا خلال اجتماع "إنه لأمر مزعج بشكل خاص أن يتم تدمير تراثنا الثقافي والديني على مدى 36 عاما في المناطق المحتلة، وهذا ما يشكل خسارة للبشرية بصفة عامة".
(ش.ع / د.ب.أ / أ.ف.ب / رويترز)
مراجعة: ابراهيم محمد