البابا فرنسيس يبث روحا جديدة في الكنيسة
١٣ مارس ٢٠١٤نفح البابا فرنسيس الكنيسة خلال سنة من حبريته بروح جديدة، ومن دون أن يحدث ثورة في العقيدة، قلب رأسا على عقب كثيرا من العادات والتقاليد، ما أثار قلقا في دوائر الفاتيكان المعروفة عادة بتشددها. وسرعان ما استقطب البابا الآتي من أقاصي الأرض، والذي انتخب في 13 آذار/ مارس 2013، في السادسة والسبعين من عمره، المؤمنين، حتى خارج ساحة القديس بطرس. فبساطته وتجرده ورغبته في أن تتسم الكنيسة بمزيد من الفقر، وتصرفاته المألوفة والودودة مع الناس العاديين، حملت الكثيرين على القول إن الكنيسة تقوم بعملية تغيير تثير توقعات لا تحصى. لأنه في المقام الأول، أول بابا من النصف الجنوبي للكرة الأرضية وليس أوروبيا، حتى لو كان أرجنتينيا ذو أصول ايطالية.
وبعد عام على انتخابه، لم تشهد الكنيسة تحولات، فلم تلغ أي عقيدة، وتتوالى الاحتفالات العلنية في كاتدرائية القديس بطرس، وفق وتيرة ثابتة. لكن الطريقة شهدت تغيرات كثيرة. فقد زاد من التصرفات العفوية، ويتحدث بسهولة ويعطي مقابلات، حملت المؤمنين على التعبير عن أرائهم بحرية.
شعبية كاسحة
وتسجل شعبية البابا فرانسيس على وسائل التواصل الاجتماعي، ازديادا كبيرا، بما في ذلك لدى أوساط غير المؤمنين. ويستثير الإعجاب شعاره "البابا شخص عادي". وقد اعتبرته مقالات ماركسيا ومتعاطفا مع المثليين ومؤيدا لسيامة النساء كهنة ولزواج الكهنة، لكنها لم تقدم الدليل على ذلك. وخلال عظات يومية يستخدم البابا كلمات تخترق القلب والعقل، ويشدد على "الرحمة"، ويدعو إلى تجنب الأحكام المسبقة والإدانات والخطب اللاهوتية الجميلة البعيدة عن ارض الواقع. ويوجه الانتقادات إلى "أساقفة الصالونات" والوصولية.
وعلى رغم الاحترام الكبير المتبادل والتوافق التام القائم مع بنديكتوس السادس عشر البابا الألماني الذي اعتزل العالم في دير قديم على إحدى تلال الفاتيكان، يتناقض أسلوب البابا فرنسيس تناقضا تاما مع أسلوب البابا المستقيل. فصورته التي تضج بالحياة، الوقورة حينا والضاحكة أحيانا، تفرض نفسها في أكشاك بيع التذكارات. والبطاقات البريدية للاهوتي الألماني الخجول والقاسي والمرهف، قد تراجعت خلف صور البابا فرنسيس وصور البابا "العملاق" يوحنا بولس الثاني الذي سيرفع إلى مصاف القديسين في 27 نيسان/ابريل المقبل.
أسلوب مختلف
إلا أن أسلوب البابا فرنسيس وبعض الاستعجال في العمل اليومي، تسببا له بعداوات في عالم الفاتيكان الصغير الصامت. وقال اندريا تورنييللي منسق موقع "فاتيكان اينسايدر" "يعتقد البعض انه ينزع صفة القداسة عن منصب، البابا وانه بات من السهولة بمكان الوصول إلى البابا والاجتماع به، وبات قريبا جدا" من الناس.
ويأخذ عليه ساندرو ماجيستر خبير الشؤون الفاتيكانية في مجلة لسبرسو "تجنب الخلاف" حول مواضيع مثل الاجهاض والموت الرحيم "عبر قول الأشياء بتحفظ". ووجه التقليديون الانتقادات إلى مقابلاته مع صحف علمانية اتخذ فيها على ما يبدو مواقف تتباين أحيانا مع المواقف الكاثوليكية. وقد زادت رغبته في إيجاد طرق جديدة، على سبيل المثال للمطلقين الذين كرروا الزواج، بدعم من كرادلة منفتحين مثل الألماني فالتر كاسبر، من تظهير الجانب التجديدي الذي لا يستأثر بإعجاب الجميع.
حوار مع المجتمع
فقد انتخب كرادلة المجمع الانتخابي البابا فرنسيس للقيام بمهمتين، الأولى إصلاح الكنيسة وإدارتها المركزية والثانية إحياء المهمات الرسولية، فيما تشهد المسيحية تراجعا كثيفا في الغرب. وقد بدأ القيام بمهمته الأولى. وإذ لم يستثني الإدارة الفاتيكانية من انتقاداته، باشر بإعادة تنظيمها ودعا إلى جلسات استماع خاصة للتدقيق في حساباتها وأساليب عملها.
وقد طلب بتوجيه استمارة حول التطورات التي يشهدها المجتمع (المثلية الجنسية والمساكنة خارج الزواج والطلاق) وإعداد الأجوبة التي يتعين على الكنيسة تأمينها. وهذه طريقة لإعادة وصل الكنيسة بشرائح من المجتمع باتت غريبة عنها. وفي مسألة التصدي للتحرش بالأطفال، يقتفي البابا فرنسيس خطى سلفه بنديكتوس السادس عشر، أي رفض التساهل والدعوة إلى الشفافية وإقصاء كهنة. لكن الهيئات التي تمثل الضحايا تأخذ عليه انه أراد الدفاع عن السمعة الحسنة للكنيسة.
ح.ز/ ع.ج ( د.ب.أ،/ أ.ف.ب)