الاستفتاء خطوة هامة على طريق الأمن والديمقراطية
خلافاً لتوقعات الكثيرين صوت العراقيون قبل أمس السبت (15 تشرين الأول/ أكتوبر 2005) على مسودة الدستور الجديد دون حوادث أمنية تذكر . وقد تمت عملية التصويت وسط إجراءات أمنية مشددة وخاصة في العاصمة بغداد. وقدرت مصادر المفوضية العليا للانتخابات أن نسبة الذين أدلوا بأصواتهم فعلياً تبلغ الثلاثين، أي عشرة ملايين من أصل أكثر من خمسة عشر مليون ناخب مسجل. وقد أشادت العديد من الجهات الدولية بسير عملية التصويت، فقد مدحها الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان واعتبرها تحدياً للعنف من قبل العراقيين وفرصة لهم من أجل تحديد مستقبلهم السياسي. ورحبت المفوضية الأوروبية بتنظيم الاستفتاء واصفة إياه بأنه يوم عظيم للديمقراطية. وقالت بيتينا فيريرو ملكلفة الشؤون الخارجية في المفوضية الأوروبية"إن مجازفة العراقيين بأمنهم الشخصي من أجل المشاركة في الاستفتاء ينم عن شجاعة هائلة". أما وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس فاعتبرت الاستفتاء شوطاً كبيراً لدفع عملية الديمقراطية إلى الأمام في العراق.
ترجيح الفوز
ورجحت رايس اليوم الاحد خلال زيارة خاطفة الى لندن فوز الدستور العراقي في استفتاء أمس. وقالت في تصريح ادلت به لعدد من الصحافيين نقلا عن تقديرات لأشخاص مطلعين على سير الانتخابات: "يبدو أن نعم هي الفائزة على الأرجح وسنرى لاحقاً". وتأتي تصريحات الوزيرة في وقت يستمر فيه فرز الأصوات في مختلف المناطق العراقية. ويتوقع أن تُعلن نتيجة التصويت هذا اليوم الاثنين أو يوم غد الثلاثاء. وبعيد إدلاء رايس بتصريحها أفادت مصادر المفوضية العليا للانتخابات أنه تم قبول الدستور في محافظتين غالبية سكانهما من السنة وهما محافظتي ديالي ونينوى. وبذلك لا يتوقع رفضه في أكثر من محافظتين أخريين. الجدير ذكره أن الدستور العراقي يُعتبر مقبولاً في حال تصويت أكثر من 50 بالمئة من الناخبين المسجلين لصالحه وفي حال عدم تصويت ثلثي الأصوات في ثلاث محافظات ضده.
زخم الاستفتاء
وقد اختلف زخم عملية الاستفتاء في مناطق جنوب وشمال ووسط العراق. ففي الوقت الذي شهدت فيه المحافظات التي تقطنها غالبية شيعية في الجنوب وغالبية كردية في الشمال إقبالاً جيداً وحماساً لافتاً، كان الإقبال عليه متواضعاً في مناطق وسط العراق وغربه حيث تقطن غالبية سنية. وقد رافق ذلك بقاء عدد من مراكز الاقتراع مغلقة في مناطق مثل الأنبار والرمادي والفلوجة حسب مصادر المفوضية العليا للانتخابات. وقال عبد المحسن الهنداوي رئيس المفوضية أن 60 مركزاً من أصل 207 مراكز بقيت مغلقة في الأنباء بسبب الوضع الأمني وانطلاقاً من حرص المفوضية على حياة الناس.
التمهيد لانتخابات برلمانية
وتأتي عملية التصويت على الدستور بعد خلافات شديدة بين القوى السياسية العراقية على جاء فيه وخاصة فيما يتعلق بحقوق المحافظات في الحصول على حكم ذاتي يفتح الباب أمام تشكيل فيدراليات تتمتع باستقلال كبير عن المركز. فبينما يؤيد الشيعة والأكراد هذه الحقوق يعارضها السنة. وتأتي معارضتهم لها لأسباب عديدة يبرز منها خوفهم على تمكين الشيعة والأكراد من السيطرة على احتياطات النفط التي تقع في مناطقهم، أي في شمال العراق وجنوبه. ومما يعنيه ذلك حرمان المناطق السنية من فرص تنموية مماثلة للفرص التي ستحظى بها المناطق الأخرى مستقبلاً.
ويرجح المراقبون أن يشكل نجاح الدستور خطوة ربما تكون الأهم في المسيرة الديمقراطية للعراق. ومن المقرر أن تتبعها خطوة هامة أخرى في ديسمبر/ كانون الأول القادم عندما ينتخب العراقيون برلمانياً جديداً يليه تشكيل حكومة تتمتع بأغلبية الأصوات فيه. ومع هذا التشكيل سيكون هناك أول حكومة عراقية غير انتقالية تمارس مهامها منذ احتلال التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة للعراق.
دويتشه فيله + وكالات