الإنترنت مرتع خصب لنشر أفكار التطرف
٤ يناير ٢٠٠٩عادت الأصوات المطالبة بحظر الحزب القومي اليميني المتطرف في ألمانيا تتعالى. ولعل أهم تلك الأصوات مطالبة وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير الشرطة وهيئة حماية الدستور بالتشدد مع اليمين المتطرف، الذي يحاول التغرير بالشباب الألماني وكسبه في صفوف النازيين الجدد عن طريق الموسيقى والفيديو كليب والإنترنت. ويستخدم اليمينيون المتطرفون الإنترنت لترويج أفكارهم، مستغلين مواقع معروفة مثل فيس بووك ويوتيوب للتواصل مع الشبان وإتاحة المجال لهم لتحميل الموسيقى والفيديو كليب المصممة بصورة جيدة وحديثة وبأسلوب شيق للتغرير بالشبان، الإضافة إلى نشر أفكارهم أيضا من خلال ذلك.
الإنترنت مرتعا خصبا للتغرير بالشباب
وتبلغ نسبة المتطرفين اليمينيين في المجتمع الألماني نحو 12 في المائة، من بينهم شريحة واسعة من الشباب اليافعين الذي يريدون الاستقلال للتو عن منزل الأسرة. لذا تم مؤخرا تأسيس شبكة جديدة في ولاية شمال الراين-ويستفاليا لمساعدة الشبان ذوي التوجهات اليمينية المتطرفة على تغيير وجهات نظرهم وعدم الانجراف وراء شعارات ومواقف اليمين المتطرف. ولكن ذلك ليس بالأمر السهل، فالشباب المنعزلون الذين ليس لهم أصدقاء، يمكن أن يقعوا فريسة سهلة ليصبحوا من النازيين الجدد فالوصول إليهم والتواصل معهم عبر الانترنت سهل حسب رأي مارتين شنايدر، وهو شاب يبلغ الثامنة عشرة من العمر، ويشارك منذ عامين في مبادرة تنشط في كولونيا أطلق عليها اسم "تلاميذ ضد اليمين". ويرى مارتين أن الإنترنت تلعب دوراً كبيراً وخطيراً في نشر الأفكار المتطرفة، كما أن "ثمة مواقع يتم من خلالها التحريض ضد أشخاص معينين من تيار اليسار".
شبكة مختصة لحماية الشباب من براثن التطرف
وتم مؤخراً تأسيس شبكة في ولاية شمال الراين-ويستفاليا تضم عشرات من المربين والخبراء في علم النفس والموظفين في دوائر الشباب في المدن والبلدات. كما تضم الشبكة مراكز تقديم استشارات ومدارس. ويطالب قائد الشرطة السابق لمدينة كولونيا فينريش غرانيتسكا بوضع برنامج خاص لمساعدة الشباب على الابتعاد عن المتطرفين سواء من اليمين أو اليسار. عن هذا يقول المسؤول الألماني: "ثمة شبان يريدون الابتعاد عن دائرة التطرف، حيث من السهل الانضمام إلى المتطرفين، ولكن الابتعاد صعب جدا، وذلك بسبب الارتباط الروحي وإلى حد ما المالي أيضا، بالإضافة إلى التهديد. إننا نريد أن نساهم في إزالة التهديد والخوف، وأن ندعم الناس ماديا ونفسيا لنساعدهم على الخروج من تلك الدائرة". ولكن الشباب بحاجة أيضا إلى الأمل والتفاؤل بالمستقبل، حيث تشير الدراسات إلى أن المتطرفين يستغلون خوف الشباب من عدم قدرتهم على إتمام تحصيلهم العلمي والبطالة، فيجندون المزيد منهم ويكسبونهم إلى معسكر اليمين المتطرف.
بُعد أخر للتطرف اليميني
واللافت للنظر أن اليمين المتطرف غير خلال السنوات الأخيرة الصورة المعروفة عنه، فعلى سبيل المثال لم يعد الشباب اليمينيون ينتعلون الأحذية العسكرية أو سترات عليها إشارات معينة تدل عليهم، بل أصبحوا يرتدون أزياء العادية، بل حتى يسيؤون استخدام بعض الرموز أو صور شخصيات لها معنى سياسي مختلف تماماً في بعض الأحيان. وفي هذا السياق، تقول آنه برودن، مديرة مركز المعلومات والوثائق لمناهضة العنصرية في مدينة دسلدورف: "أسأل الأهالي، كيف يتعرفون على اليمينيين، فيشيرون إلى الملابس مثلا"، فليس من المعقول أن يرتدي يميني متطرف قميص عليه صورة تشي غيفارا، أو يرتدي غطاء فلسطينيا. لكن اليمينيون أصبحوا يخفون هويتهم الحقيقية خلف كرموز كتلك، "مما يعني أن اليمين المتطرف يحرف المعنى السياسي لهذه الشارات".