الإسلام في ألمانيا عام 2014 ـ بين الاندماج والمخاوف
٣٠ ديسمبر ٢٠١٤السلفيون والفظائع التي يرتكبها ما يسمى تنظيم "الدولة الإسلامية" هي من المواضيع التي تتصدر عناوين الصحف في ألمانيا منذ أشهر. انضمام الشباب لمجموعات سلفية أو متطرفة في ألمانيا أو سوريا، أمر لا يؤرق فقط الساسة والسلطات الأمنية في ألمانيا، بل أيضا العديد من المسلمين الذين يرون أن الربط المتواصل بين الدين الإسلامي والتطرف، أمر سيء، ويعطي صورة سلبيةً عن الدين الإسلامي. أيمن مزيك رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا يشكو من عدم وجود فصل واضح بين التطرف وبين الإسلام.
وبرأي مزيك فان "عدم التمييز بين الدين الإسلامي وبين التطرف يصب في خانة العداء للإسلام، وهو ما نشاهده على أرض الواقع من خلال زيادة الإقبال على المشاركة في الفعاليات التي تقيمها الحركات المعادية للأجانب وللإسلام مثل حركة بيغيدا" والتي شارك ما يربو على 17500 شخص في مظاهرة نظمتها في مدينة دريسدن(شرق ألمانيا)، وذلك بالرغم من التطمينات الصادرة من الساسة الألمان، خاصة تصريح وزير الداخلية توماس دي ميزير والذي أكد بأن ألمانيا لا تواجه خطر الأسلمة. كما شهدت مدنا أخرى مظاهرات مماثلة، كما حصل في مدينة كولونيا والتي شهدت مظاهرات للهوليغينز ضد السلفية، وتخللتها أعمال شغب.
مخاوف متبادلة
وما يثير المخاوف بالنسبة لمزيك، أن تكون هذه المظاهرات مجرد بداية لما سوف يأتي من تصعيد أكبر في العام القادم، ويقول "نحن (في ألمانيا) نربط الإسلام بأية توترات اجتماعية، أو مشاكل لم تحل في بلدنا، وذلك من أجل صرف النظر عن هذه الأمور، جاعلين المسلمين كبش فداء لما يحدث". وكانت مساجد قد هُجمت على مدار العام 2014، مما أثار مخاوف المسلمين وقلقهم، ففي شباط/ فبراير تم مهاجمة مسجد كولونيا المركزي والذي هو في طور البناء مما أوقع به أضرارا كبيرة، كما وقعت هجمات على مساجد أخرى في برلين وبيليفيلد وأماكن أخرى في ألمانيا، عبر إلقاء مواد حارقة أو كتابة شعارات مسيئة على الجدران.
ولمواجهة ظاهرة التطرف الإسلامي، وأيضا مظاهر العداء للإسلام، قرر مجلس التنسيق الإسلامي في شهر أيلول / سبتمبر من العام الحالي 2014 إقامة فعالية جماهيرية، تحت عنوان " مسلمون في مواجهة الكراهية و الظلم"، وصرح المتحدث باسم الفعالية ايرول بورلو بأنه "من المهم لنا كمسلمين، إقامة هذه الفعالية، بوجود ممثلين من الساسة والكنيسة(المسيحية) ومن الكنيس اليهودي، بهدف دعمنا ومؤازرتنا".
إشارات إيجابية
ولكن سنة 2014 أيضا، من وجهة نظر المسلمين، شهدت تطورات سارة، مثل إعلان عدد من الولايات الألمانية مثل شمال الراين فيستفاليا وساكسونيا السفلى وهيسين ارتفاعا في عدد المدارس التي تدمج مادة الدين الإسلامي، كما شهدت العلاقات تحركا ايجابيا بين الكنيسة البروتستانتية والمجلس الأعلى للمسلمين بعد أعوام من الجمود، بالإضافة إلى عقد مؤتمر الإسلام في ألمانيا والذي تعرض في السابق لانتقادات. حيث كان من أبرز قراراته العمل على إنشاء جمعية خيرية إسلامية، لتعمل على تقديم خدمات لمساعدة المسلمين، جنبا إلى جنب مع مؤسسات مماثلة، مثل كاريتاس الكاثوليكية، ودياكونيا البروتستانتية."وهو ما يتطلب إعطاء لمحة عامة عن الجمعيات الإسلامية الموجودة التابعة للمساجد والتي تعنى بالإعمال الخيرية وهو ما يتطلب وقتا للتقييم ولإيجاد هيكلية جديدة" بحسب بورلو.
ويأمل المسلمون باعتراف أكبر من الدولة الألمانية بدور المنظمات الإسلامية، خاصة بعد توقيع اتفاقيات تعاون في كل من بريمن وهامبورغ في السنوات السابقة، مما يمهد الطريق لإمكانية وجود اتفاقيات مماثلة في ولايات ألمانية أخرى. في ولاية ساكسونيا السفلى تم التوصل لاتفاق وشيك، أيضا في ولاية شمال الراين فيستفاليا يأمل بورلو أن يتم نهاية سنة 2015 الاعتراف بالمنظمات الأعضاء في المجلس التنسيقي للطوائف الدينية، "أننا ننتظر حاليا ما سيجري، وإن كنا على ثقة بما سيحصل"يقول بورلو.
ع.ج/ (epd)