الإسلامويون المتطرفون في ألمانيا.. هل تم احتواء خطرهم؟
٧ يوليو ٢٠٢٣اعتُقل اليوم الخميس في 6 يوليو/ تموز 2023 سبعة أشخاصيُشتبه في أنهم من الإرهابيين الإسلامويين في ولاية شمال الراين ويستفاليا غرب ألمانيا. ويتهم مكتب المدعي العام الألماني المشتبه بهم والمنحدرين من طاجيكستان وقيرغيزستان وتركمنستان،، بتأسيس منظمة إرهابية في يونيو /حزيران من عام 2022 والتخطيط لشن هجمات إرهابية. وأوضح الادعاء العام اليوم بمدينة كارلسروه، أن الرجال السبعة، الذين تم القبض عليهم، يواجهون اتهاما بتأسيس منظمة إرهابية في ألمانيا، وبأنهم كانوا نشطاء بها.
وقال كان الهدف هو "القيام بهجمات وفقا لمفهوم تنظيم الدولة الإسلامية". وأضاف بيان الادعاء العام بألمانيا أنه قبل فترة قصيرة من بدء الحرب في أوكرانيا، سافر هؤلاء الرجال معا إلى ألمانيا وشكلوا تنظيما إرهابيا.
منذ الهجوم على سوق أعياد الميلاد في ساحة "برايتشايدبلاتس" في برلين، بات الناس في ألمانيا على دراية بمخاطر الإرهاب الإسلاموي. في 19 ديسمبر/كانون الأول 2016، اقتحم إرهابي إسلاموي، أنيس عمري بشاحنة سوق عيد الميلاد في الساحة البرلينية وقتل 12 شخصاً وجرح حوالي 70 وفر القاتل إلى إيطاليا، حيث تم قتله هناك من قبل الشرطة. وبحسب وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيزر، فإن خطر وقوع مزيد من الهجمات لا يزال كبيراِ، وقالت: "لذا تتوقع سلطاتنا الأمنية بوجود استعدادات لشن هجوم في أي وقت".
مكتب حماية الدستور يحذر من "المجرمين المنفردين"
"الخطر مستمر. إنه حقيقي ، حقيقي كل يوم". بهذه الجملة استهل رئيس المكتب الاتحادي لحماية الدستور (الاستخبارات الداخلية)، توماس هالدينفانغ كلامه عند تقديم تقرير الحماية الدستورية في 20 يونيو حزيران. وتابع" "أتحدث عن الجماعات العنيفة ولكن دون تجاهل الإسلامويين أيضاً. ومع ذلك، في العام الماضي، تم تحقيق العديد من النجاحات مرة أخرى على الصعيدين الدولي والوطني ضد الإرهاب الإسلاموي. ولحسن الحظ ، لم تشهد ألمانيا في عام 2022 هجمات ارهابية ".
إذا نظرنا إلى الوراء، يبدو ما قاله هالدينفانغ قبل عام عندما قدم تقريره السنوي وكأنه نبوءة: "الوضع تهيمن عليه بشكل خاص مجموعات صغيرة والجناة يتصرفون بمفردهم". يبدو أن الرجال الذين تم اعتقالهم الآن يتصرفون وفق هذا النهج أيضاً.
وبحسب وزيرة الداخلية الألمانية، تم إحباط 21 هجوماً إسلاموياً في ألمانيا منذ عام 2000. ولكن من دون دعم أجهزة المخابرات الأجنبية، وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة الأمريكية، ما كان لهذا النجاح أن يتحقق. توصل الخبير في الإسلام السياسي والإرهاب، غيدو شتاينبرغ، من مؤسسة العلوم والسياسة في برلين (SWP) إلى هذا الاستنتاج في دراسة بتكليف من مؤسسة كونراد أديناور.
الدعم الكبير من الولايات المتحدة!
على المدى الطويل حذر غيدو شتاينبرغ في دراسته للعام 2021 من خطر "الاستعانة بجهات خارجية" على صعيد جهود مكافحة الإرهاب في ألمانيا التي تواجه صعوبات كبيرة في محاربة الأنشطة الإرهابية الإسلاموية منذ عام 2001 ".
ويعتقد غيدو شتاينبرغ أن الانخفاض الحاد في عدد الهجمات الإرهابية والهجمات المخطط لها في ألمانيا بعد الهجوم على سوق أعياد الميلاد في برلين يعود بالأساس إلى تراجع نشاط تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي "داعش" في الشرق الأوسط وتحسين تقنيات الاستطلاع من قبل الولايات المتحدة الأمريكية. ويوضح الخبير في الإسلام السياسي والإرهاب، في تحليله أن ذلك لم يكن بشكل كبير " بسبب فعالية سياسة مكافحة الإرهاب التي تنهجها ألمانيا والتي ما زالت مجزأة وغير مكتملة".
تبادل المعلومات في مركز مشترك
جميع الولايات الفيدرالية الـ 16 لديها مكاتب شرطة وحماية الدستور خاصة بها، والتي كانت تتواصل مع بعضها البعض بصعوبة. لكن منذ عام 2004 جلس ممثلوها مع ممثلين عن 8 وكالات أمنية فيدرالية في مركز برلين المشترك لمكافحة الإرهاب/ GTAZ. نتيجة لذلك، تم القضاء على العديد من مشاكل التنسيق، كما يشيد بذلك غيدو شتاينبرغ.غير أن الخبير، يرى أنه لا زال هناك حاجة أخرى لمزيد من الإصلاح. فقد أظهرت حالة أنيس عمري أن المشاكل ذات بعد أعمق .
أخطاء فادحة قبل الهجوم في برلين
أدرك مكتب الشرطة الجنائية في ولاية شمال الراين وستفاليا، الذي كان مسؤولاً في البداية، بشكل صحيح "أن التونسي كان إرهابياً خطيراً وكان يراقبه وفقاً لذلك". لكن بعد انتقال عمري إلى برلين في فبراير/ شباط عام 2016 وتجارته بالمخدرات، صنفته الشرطة في العاصمة الألمانية آنذاك ضمن فئة المجرمين الصغار، وبالتالي لم يعد خطيرًا. ويخلص غيدو شتاينبرغ إلى أن "مراقبته انتهت بناء على ذلك، مما مهد الطريق للهجوم على ساحة "برايتشايدبلاتز" في 19 ديسمبر/ كانون الأول". النتائج التي توصل إليها تحقيق خاص من مجلس الشيوخ في برلين، تعزز وجهة النظر هذه أيضاً بالنظر إلى ظروف الهجوم وفشل الدولة.
بعدها نجت ألمانيا من هجمات خطيرة للغاية، لكن السلطات الأمنية بقيت في حالة تأهب دائم. وبحسب التقرير الحالي لمكتب حماية الدستور ، فإن الإسلامويين "ما زالوا يسعون لتحقيق هدف استغلال كل فرصة متاحة لشن هجوم إرهابي".
تراجع التهديدات
التقليل من الخطر أحياناً يرجع أيضاً إلى الانخفاض الحاد في عدد ما يسمى بـ "التهديدات". في الحالات القصوى، تعتقد الشرطة أن مثل هؤلاء الأشخاص المنفردين قادرون على شن هجمات إرهابية. في عام 2018 ، سجلت الشرطة أكثر من 770 تهديداً إسلاموياً، وبعد عامين كان هناك أقل بقليل من 630 تهديداً والآن يوجد حوالي 530 فقط. وفي هذا الصدد قال رئيس مكتب حماية الدستور، توماس هالدينفانغ، في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) في ديسمبر/ كانون الأول عام 2022: "الهجمات التي وقعت في ألمانيا في السنوات الأخيرة نُفِّذت كلها من قبل أشخاص من فئة الجناة المنفردين المتشددين".
عقوبة السجن قد تصل لعشر سنوات
إذا ثبت خلال التحقيق أن الرجال السبعة الذين تم القبض عليهم كانوا يخططون لتنفيذ هجمات إرهابية فإن عقوبة السجن بانتظارهم. وتتراوح مدة العقوبة على حالات كهذه بين ستة أشهر إلى عشر سنوات.
مارسيل فورستيناو / إ.م