الإرهاب كرة نار يتقاذفها العراق و قطر والسعودية
١٤ مارس ٢٠١٤للمرة الأولى وبصراحة أعلن رئيس الحكومة نوري المالكي أن المملكة العربية السعودية وإمارة قطر تتدخلان في شؤون العراق على أسس طائفية، واتهمهما بتقديم الدعم "السياسي والمالي والإعلامي" لجماعات مسلحة.
وفي حديث له مع شبكة TV24 الفرنسية اعتبر المالكي، أنّ من يتهمونه بتهميش واستهداف السنة في العراق تحركهم جماعات طائفية ترتبط بالسعودية وقطر، دون أن يربط ذلك بشكل رسمي بنظامي البلدين.
من واشنطن الكاتب والمحلل السياسي نزار حيدر في حواره مع مجلة العراق اليوم من DW عربية اعتبر الأمر "حقيقة" نافيا أن يكون "اتهاما"،على حد تعبيره، ولكنه تساءل لماذا ورد الإعلان بشكل رسمي على لسان المالكي في هذا الوقت؟ ثم عاد ليجيب عن هذا السؤال معتبرا " أنّ الضغط الشعبي قد اشتد على الحكومة العراقية لتسمية منبع الإرهاب ، كما حدث قبل سنوات حين سمى السيد المالكي سوريا باعتبارها راعية الإرهاب في العراق آنذاك".
ونبه نزار حيدر إلى أن أرقام ضحايا الهجمات الإرهابية التي تقتل العراقيين اليوم فاقت أرقام ضحايا حرب تحرير العراق .
"ما أعلنته السعودية إنما هو محاولة لذر الرماد في العيون "
الملفت للنظر أن تصريحات المالكي جاءت بعد أن أدرجت السعودية تنظيمات داعش والنصرة والقاعدة وحزب الله والإخوان المسلمين على لائحة الإرهاب في المملكة. لذا فإن اغلب الصحفيين والساسة السعوديين والقطريين، اعتبروا خطاب المالكي محاولة لتعليق إخفاقاته على شماعات بلديهما، ولكنهم لم يخفوا توجها طائفيا يتبعونه ويعتبرونه رد فعل على توجهات المالكي الطائفية على حد وصفهم.
والى ذلك علّق نزار حيدر بالقول" المملكة العربية السعودية تحاول اليوم أن تتملص من مسؤوليتها (عن نشر الإرهاب)" ، معتبرا أن " ما أعلنته السعودية إنما هو محاولة لذر الرماد في العيون"، على حد وصفه .
هذا الحديث يأتي في وقت تنهار فيه العلاقة بين قطر وبين جاراتها الخليجية، السعودية والإمارات والبحرين، لدرجة سحب سفراء هذه الدول من قطر ما ينذر بتداعيات خطيرة مقبلة.
" العراقيون ينتظرون في طوابير طويلة لأجل أن يقتلوا"
وشارك الإعلامي والكاتب قاسم المرشدي مدير الصحيفة الالكترونية العراق نت في حوار مجلة العراق اليوم من DW عربية ، وأيّد ما ذهب إليه الكاتب نزار حيدر من أن إعلان المالكي جاء استجابة للضغط الشعبي الذي تولد " نتيجة فشل حكومة المالكي في حماية أرواح العراقيين بصورة عامة والشيعة منهم بصورة خاصة، وقد حاولت الحكومة ان تترجم هذا الغضب وتوجهه باتجاه المملكة العربية السعودية ودولة قطر" . و ذكّر المرشدي أنّ سخط الشارع العراقي بسبب فشل الحكومة في حماية أرواح الناس، يتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات . وأوجز المرشدي تصوره عما يجري بالقول" العراقيون ينتظرون في طوابير طويلة لأجل أن يقتلوا ".
في سياق آخر، لم تشارك كل من السعودية وقطر في المؤتمر الدولي الأول لمكافحة الإرهاب في بغداد الذي افتتحه رئيس الحكومة المالكي بكلمة أشار فيها إلى أن "عاصفة الإرهاب والدمار ستطال أوروبا وأمريكا". عدم مشاركة هاتين الدولتين استوقف كثيرا من المراقبين، وعزاه البعض إلى حالة الجفاء والعداء القائمة بينهما وبين العراق، والى ذلك أشار الإعلامي قاسم المرشدي مبيّنا أن عدم حضور البلدين المشار إليهما يؤشرعلى فشل المؤتمر سلفا، وشبّه الوضع بالحالة " إذا أقامت المملكة العربية السعودية مؤتمرا لتقريب المذاهب ولم تحضره الحوزة العلمية في النجف الأشرف ولم تحضره الدولة الإيرانية، فإن هذا المؤتمر في السعودية فاشل".
وذهب المرشدي إلى أن عدم مشاركة الزعيم السياسي السني أسامة النجيفي ( رئيس مجلس النواب) وعدم مشاركة الزعيم السياسي الكردي مسعود بارزاني ( رئيس إقليم كردستان العراق) هي بمثابة إعلان مسبق لفشل المؤتمر كما حدث مع مؤتمر القمة العربية في بغداد الذي لم يترك أثرا في الشارع.
"عاصفة الإرهاب والدمار ستطال أوروبا وأمريكا "
وفي مجال المقارنة بين الهجمات الإرهابية، ذكر المالكي أنّ الإرهاب في مصر وتونس وليبيا وسوريا يستهدف السنة كما استهدف الشيعة، وبذلك فقد أعلن أنّ الإرهاب ليس طائفيا بل اكبر من ذلك، وهو أمر اتفق معه الإعلامي المرشدي مبينا أن السعودية قد حاربت بشدة نظام الإخوان المسلمين رغم انه نظام سني، ورغم ان الرئيس المصري السابق محمد مرسي قد زار المملكة في أول جولة له خارج مصر وأعلن أن السعودية خط أحمر لأنها تمثل العالم السني.
وأشار رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي إلى أن "عاصفة الإرهاب والدمار ستطال أوروبا وأمريكا "، وهو أمر فسّره البعض باعتباره محاولة من المالكي لجذب اهتمام الغرب مرة أخرى إلى العراق. لكن الكاتب نزار حيدر اعتبر أن ما قاله المالكي تعبيرا عن الحقيقة ، ناقلا رأيا متداولا في الولايات المتحدة الأمريكية مفاده أن بشار الأسد سيتحول إلى صدام حسين في الأعوام العشرة المقبلة ، وهذا يعني" أن النظام في سوريا ومعه البلد سيوضعان في قفص فيما تستمر الأزمة حتى يتم تصفية كل ما يسمى بالجهاديين الأوروبيين، وبعدها قد يجدون حلا لتلك الأزمة".