الإدمان على القمار... مصيدة المهاجرين في ألمانيا
٤ فبراير ٢٠١٠تشهد الكازينوهات ودور القمار في ألمانيا إقبالا كبيرا رغم الأزمة الاقتصادية. ويشكل الرجال تسعون بالمائة من الزبائن، ويعاني الكثير منهم من الإدمان. وتعتبر فئة الشباب خصوصا من أصول أجنبية من أكثر الفئات تعرضا لمخاطر الإدمان على القمار، كالرهانات الرياضية، ولعب البوكر على الإنترنت أو بواسطة آلات اللعب.
الربح الأول... طُعم قد يقود للإدمان
وحسب الهيئة الألمانية للوقاية من الإدمان في برلين، فإن أعداد المدمنين من أصول أجنبية الذين يتلقون العلاج في تصاعد مطرد خصوصا خلال العشر سنوات الأخيرة. ويُعتقد أن السبب في هذه الظاهرة يعود إلى وجود الكثير من دور القمار في الأحياء التي يعيش فيها المهاجرون، وإلى تداعيات الأزمة الاقتصادية التي ساهمت في تفاقم البطالة في صفوف المهاجرين.
ويروي مصطفى، وهو شاب من أصل عربي رفض ذكر اسمه الحقيقي، كيف بدأت قصته مع الإدمان بشكل لم يثر في البداية أية شبهات، ولم يكن يتصور يوما أنه سيصبح مدمنا. فقد كان يتردد في البداية على الكازينو بشكل متقطع وغير منتظم، إلى غاية اليوم الذي ربح فيه ما قدره اثنان وعشرون ألف يورو دفعة واحدة. وكان الحظ الذي ابتسم له ذلك اليوم مصيدة قادته إلى مزيد من الطمع وبالتالي إلى الإدمان.
ويصف مصطفى انجذابه "الذي لا يقاوم" إلى دوامة القمار بقوله "في مرحلة ما لم يعد اللعب في الكازينو يكفيني، فأضفت إليه الرهانات الرياضية ثم آلات اللهو". وكما هي العادة في القمار، فالربح لا يكون بعيدا عن الخسارة، وفي كل مرة يزداد الضغط على المقامر لتوفير المزيد من الأموال. وهكذا بدأ مصطفى في اقتراض الأموال في البداية من البنك وبعدها من الأسرة والأصدقاء، و في كل مرة كان يبتدع كذبة جديدة، فتراكمت الديون والمشاكل. وكما الحال عند معظم المقامرين المدمنين فإن مصطفى مقتنع تماما، أنه وحده ربح كبير قادر على مسح جميع ديونه دفعة واحدة. "الحلم بالربح العظيم لا يفارق لاعب القمار" كما يقول مصطفى.
البطالة ووفرة العرض وراء إدمان المهاجرين
تقدر الهيئة الألمانية للوقاية من الإدمان في برلين عدد المدمنين على القمار في ألمانيا بحوالي 250 ألف شخص، وترصد أن الشباب من أصول مهاجرة هي الفئة الأكثر عرضة للسقوط في دوامة الإدمان، بسبب كثرة عرض دور القمار في الأحياء التي يقطنها الأجانب وارتفاع نسبة البطالة في صفوف هؤلاء. وبهذا الصدد يعتبر الدكتور محمد أبو ختير، رئيس قسم الإدمان في المصحة التي يعالج فيها مصطفى، أن تحسين الوضع المالي هو السبب الرئيس في هجرة الكثيرين إلى ألمانيا، وبما أن الحصول على عمل بأجر محترم أمر صعب على مهاجرين دون مهارات، فإن "إغراءات اللجوء إلى وسائل أخرى للحصول على المال تصبح كبيرة" كما يقول الدكتور ختير وهو فلسطيني الأصل.
أما مصطفى فيرجع إدمانه إلى طلاقه من زوجته والصعوبات المالية التي ترتبت عن ذلك. ويروي أنه خلال فترة إدمانه التي دامت ثلاثة سنوات، تعرف على الكثير من المدمنين من أصول أجنبية، ويضيف بهذا الصدد " نصف المدمنين على الرهانات من الأجانب". ويفسر ذلك بالانتظارات المالية للأسرة سواء في ألمانيا أو في البلد الأصل، والتي تخلق ضغطا لا يطاق على المهاجرين.
ويعيش الكثير من المهاجرين صراعات وتناقضات مع معتقداتهم الدينية خصوصا إذا كانوا مسلمين، فالإسلام يحرم كل أنواع القمار. ويُلاحظ أن المدمنين من المهاجرين المسلمين في ألمانيا يتخلون عن القمار خلال شهر رمضان، إلا أنه وبمجرد انتهاء شهر الصيام، يعودون إلى عاداتهم القديمة. ورغم وجود ما يكفي من المصحات المتخصصة في علاج الإدمان، فإن عددا قليلا فقط من المرضى المهاجرين يجرؤ على استشارتها بسبب الحواجز اللغوية أحيانا والحواجز الثقافية أحيانا أخرى.
الكاتب: أولريكه هومل / حسن زنيند
مراجعة: طارق أنكاي