"الاستثمار في الوقاية.. مفتاح لإنهاء العنف ضد النساء؟
٢٥ نوفمبر ٢٠٢٣رغم القوانين الوضعية واستمرار إدخال تعديلات عليها والجهود المستمرة من قبل المجتمع المدني، لم يوضع حد لإحدى أبشع انتهاكات حقوق الإنسان في مختلف المجتمعات وعلى رأسها المجتمعات العربية. "العنف ضد النساء" ظاهرة شهدت في السنوات الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً وتشير التقديرات العالمية إلى أوضاع كارثية تتعرض لها أكثر من ربع النساء اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين خمسة عشر وتسعة وأربعين عاماً من عنف بدني أو جنسي على يد الشريك لمرة واحدة على الأقل في حياتهن.
عنف متزايد ضد النساء
وتشير التقديرات الصادرة من الأمم المتحدة إلى أن 736 مليون امرأة على مستوى العالم، أي واحدة من كل ثلاث نساء تقريبا، وقعن ضحايا للعنف الجسدي و/أو الجنسي مرة واحدة على الأقل في حياتهن. وأن هذه الآفة شملت بيئات مختلفة، بما في ذلك أماكن العمل والإنترنت وتفاقمت في السنوات الأخيرة بسبب آثار ما بعد جائحة كورونا والصراعات وتغير المناخ.
لا توجد إحصائيات دقيقة بشأن حجم العنف الذي تتعرض له النساء في البلدان العربية، لكن وبحسب منظمات حماية المرأة، فقد رصدت زيادة هذه النسبة بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة في بلدان مثل لبنان وسوريا والأردن ومصر.
وقد بلغت ظاهرة قتل النساء في البلدان العربية ذروتها في الأعوام الأخيرة. وعلى سبيل المثل، رصد تقرير سنوي لمؤسسة إدراك للتنمية والمساواة 296 جريمة قتل للنساء والفتيات في مصر عام 2021 وهو ضعف الرقم الذي تم تسجيله في عام 2020. أما في الجزائر، فقد كشفت مبادرة "لا لقتل النساء"، عن مقتل نحو 55 امرأة من مختلف الفئات العمرية في العام نفسه.
الاستثمار في الوقاية من العنف!
"اعتباراً من اليوم 25 نوفمبر/ تشرين الثاني وعلى مدى 16 يوما، سنتحد لإنهاء العنف القائم على النوع الاجتماعي، ونضيء العالم باللون البرتقالي من أجل التغيير". بهذه العبارات تم الإعلان عن حملة تطلقها الأمم المتحدة سنوياً وتستمر 16 يوماً. وسبق للمنظمة الدولية أن أطلقت في عام 1991، مثل هذه الحملة لمناهضة العنف ضد المرأة، وهي حملة عالمية بهدف مناهضة جميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات حول العالم. وقد تم تخصيص اللون البرتقالي لوناً لهذه الحملة في دلالة إلى مستقبل أكثر إشراقًا وعالم خالٍ من العنف ضد النساء.
وتبدأ الحملة من 25 نوفمبر/ تشرين الثاني، وهو اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة إلى 10 ديسمبر/ كانون الأول، وهو اليوم العالمي لحقوق الإنسان. تحت شعار#لا_عذر_! . وتهدف حملة هذا العام إلى الاستثمار في الجهود المبذولة لمنع العنف ضد المرأة والفتيات. لأنها تعتبر "دعم منظمات حقوق المرأة والاستثمار فيها هو مفتاح إنهاء العنف ضد النساء والفتيات".
جهود لا تزال "ضئيلة" في وجه العنف!
هناك نقص واضح في البيانات حول مدى التزام الدول بالتصدي للعنف ضد النساء والفتيات. لكن تقديرات الأمم المتحدة تشير إلى قدر ضئيل من الموارد الاقتصادية التي تخصصها البلدان، وهو أمر مثير للقلق. ويتم تخصيص 5 في المائة فقط من المساعدات الحكومية العالمية في مجال مكافحة العنف ضد المرأة، كما يتم استثمار أقل من 0.2 في المائة في الوقاية من العنف. وتشير التقديرات إلى وجود "حاجة إلى المزيد من الموارد المالية للمنظمات النسائية، وإدخال تحسينات على التشريعات وإنفاذ العدالة".
وفق منظمة المرأة العربية، هناك جهود مستمرة "سواء رسمية وغير رسمية في دول عربية" عديدة تهدف إلى مناهضة العنف ضد المرأة بجميع أشكاله. وتتبلور هذه الجهود في وضع استراتيجيات مناهضة للعنف في عدد من الدول العربية وكذلك إصدار قوانين تحد من هذه الآفة وإدخال تعديلات عليها. ومن الدول التي اصدرت استراتيجيات تناهض العنف ضد المرأة، تونس، البحرين، الجزائر، السودان، العراق، لبنان، مصر المغرب وغيرها من الدول.
ومن البلدان التي أدخلت تعديلات على قوانين مناهضة العنف ضد المرأة، تونس. فقد صادق مجلس نواب الشعب التونسي في يوليو/ تموز عام 2017 على إلغاء أحكام الفصل (227)، والذى كان يسمح للشخص المعتدي بالزواج من المُغتصبة التي يكون سنها دون السن القانونية مع إعفائه من جميع التبعات العدلية أو القانونية. وفي لبنان من العام نفسه،ألغى مجلس النواب المادة 522 من قانون العقوبات والتي تنص على أنه "إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجرائم مثل الاغتصاب والخطف و بين المعتدى عليها اوقفت الملاحقة، واذا صدر الحكم بالقضية علق تنفيذ العقاب الذي فرض عليه. وفي 10يوليو/ تموز 2020، أعلنت وزارة العدل السودانية أن مجلس السيادة الانتقالي صادق على قانون يجرم ختان الإناث في البلاد. ووفق القانون الجديد، تصل عقوبة ختان الإناث لمن يرتكبه، لثلاث سنوات سجنا مع دفع الغرامة، وتقع العقوبة تحديدا على الشخص الذى يجرى عملية الختان حتى ولو كان طبيباً.