الأدب والـ"فيس بوك" والـ"تويتر" – هل من علاقة؟
٣ مارس ٢٠١٠كان توماس مان أديباً حذراً، جمع قبل وفاته الدفاتر التي دون فيها يومياته وأوصى بعدم فتحها إلا بعد مرور عشرين عاماً على وفاته. لو كان توماس مان حياً بيننا الآن، هل كان سيملك صفحة في الـ"فيس بوك" أو في الـ "تويتر"؟ ربما لا، لأن هذا الأديب الألماني الكبير كان من أشد المدافعين عن الخصوصية. ولكن كيف يرى الأدباء اليوم الوسائط الحديثة في عالم الإنترنت؟ هل يستفيدون منها أم أنها تهدر وقتهم؟
أن تكون وحيداً وحاضراً في الوقت نفسه
هناك مشكلة قديمة في الأدب يعبر عنها الكاتب النمساوي روبرت ميناسه Menasse بقوله: "يريد الفنان أن يكون وحيداً، غير أن الفنان لا يطيق الوحدة!". الفنان يريد أن يعرف الجديد، ويشارك في النقاشات، ويغوص في الواقع، كما أنه يريد الوصول إلى أكبر عدد ممكن من القراء. نشر روبرت ميناسه عدداً كبيراً من الكتب، واليوم أضحى الـ"فيس بوك" عشقه الثاني بعد تأليف الروايات.
بدأ ذلك الولع عندما سمع ميناسه قبل سنوات أن ثلاثة من قرائه الشبان صمموا له صفحة على الـ"فيس بوك"، ما أثار فضول الكاتب النمساوي بالطبع. ثم عرف أن ابنته أيضا لها صفحة في الفيس بوك. وعندما أصبح ميناسه مستخدما منتظماً لهذا الوسيط الجديد راحت ابنته تكيل له الاتهامات لأنه "يهدر" وقته أمام الكمبيوتر!
والآن، هناك نحو 1000 قارئ، أو "صديق" حسب مصطلحات الـ"فيس بوك"، يتردد على صفحة الأديب النمساوي التي يستخدمها للتعبير عن آراء شخصية وقضايا سياسية.
وعندما يكتب ميناسه جملة عادية مثل "مدينة لينتس جذابة"، فعلى الفور، وفي غضون دقائق قليلة، تصله عشرات التعليقات على ما كتب. ومعظم "أصدقائه" على الـ"فيس بوك" لا يراهم الكاتب في الواقع إلا نادراً، وبعضهم لم يره أبداً. روبرت ميناسه شديد الإعجاب بهذه الوسيلة، وهو يقول عن سحرها: "من ناحية أستطيع أن أغلق الفيس بوك ببساطة، ومن ناحية أخرى أستطيع من خلاله الوصول إلى ألف إنسان في جزء من الثانية. هذا شيء ساحر!"
تعلم الكاتب النمساوي من الـ"فيس بوك" الاختزال والتكثيف، إذ أن عدد الحروف المسموح بها هي 140 حرفاً فقط. بل إن الـ"فيس بوك" كان دافعاً لميناسه لنظم الشعر: "لست مشهوراً كشاعر، غير أني جربت قلمي في الشعر، ونشرت بعض القصائد على الفيس بوك، وسألت الأصدقاء أن يبدوا رأيهم فيما أكتب. وفي الحقيقة لقد تعلمت من ردود الفعل كثيراً جداً، كما اكتسبت الشجاعة على مواصلة الكتابة في هذا الجنس الأدبي."
الكاتبة: مارسيلا دروم (س ج)
مراجعة: طارق أنكاي