افتتان عالمي بالثقافة الشرقية
١٤ مايو ٢٠٠٦لا غرو أن الثقافة الشرقية والعربية ثقافة عريقة وذات تاريخ طويل وذات فضل على جميع حضارات العالم المختلفة. كما أنها لاقت إقبالا كبيرا من قبل مشاهير العالم ورغبتهم قوية عند البعض منهم لاكتشاف ثقافة وعالم غريبين ومختلفين عنهم. ولكن السؤال الذي يدور في أذهاننا بشكل دائم هو كيف يفهمنا الغرب في الوقت الراهن؟ وكيف يتلقى المواطنون في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية معلوماتهم ومعارفهم عن العرب والإسلام وعن الشرق عموما؟
"لا يمكن لأحد أن يحجب نور الثقافة العربية"
ولد الروائي الشهير باولو كويلهو عام 1947 بمدينة ريو دي جانيرو البرازيلية. ويعتبر ظاهرة أدبية غريبة وفريدة من نوعها، حيث كتب في فترة قصيرة مقارنة مع غيرها من الكتاب حوالي عشر روايات، لاقت إقبالا كبيرا جدا وترجمت الى أكثر من 40 لغة ونُشرت في نحو 120 بلدا في العالم وبيع منها أكثر من 43 مليون نسخة. و يعتبر كوليهو واحد من القلة النادرة من الكتاب الذين حولهم الكتاب من أناس عاديين وفقيرين إلى أناس مشهورين فاحشي الثراء. وعُرف عن كويلهو إعجابه الكبير بالثقافة الشرقية. ولم يُخف أبدا حبه وتعلقه بثقافة العرب على الرغم من أنها أصبحت في الوقت الحاضر بمثابة "تهمة" لدى بعض المتحفظين تجاه الثقافة العربية بحد ذاتها. وخلال زيارته لمعرض الكتاب الدولي، الذي نُظم مؤخرا في تونس، قال كويلهو:" الشرق هو الشرق ولن ينتهي ثقافيا لحدوث متغيرات كثيرا ما كان الغرب هو المتسبب فيها. وهو من يصنع الآن الصورة التي يريدها عن الإسلام وعن العرب وثقافتهم وحضارتهم، لكن اعتبر رغم ذلك ان التغييرات الحاصلة في العالم اليوم وفي الشرق بالخصوص لا يمكن ان تحجب نور الثقافة العربية ".
لا يوجد ما يسمى "شرق الرعب"
ويُعتبر كويلهو المعروف بمواقفه النضالية حيث برز كأشد معارضي الحرب على العراق، حتى أنه كتب رسالة الى الرئيس الأمريكي جورج بوش للاحتجاج على احتلال العراق تحت عنوان " شكرا سيد بوش". كما أشار كويلهو إلى أنه "بعد أحداث 11 سبتمبر فقدت السيطرة على الأحداث وبعد غزو العراق عمت الفوضى، ولا فائدة من الكتابة عن الحرب لان قادة الحرب لا يسمعون أصوات دعاة السلام غالبا". ونفى كويلهو ان يكون هناك ما يعرف الآن "بشرق الرعب" متهما الصحافة الغربية بإلصاق مثل هذه التهم بالشرق عموما وترويجها عبر وسائل الإعلام ونشرها في العالم أجمع. وقال:" إن هذه الصفات القذرة ولدت في الصحافة الغربية، ومن لا يحب الشرق يعني انه بلا قلب". وبما يتعلق بتأثير الثقافة العربية والإسلامية على كتاباته أكد الروائي العالمي انه استلهم منها الكثير وأنها أسهمت في ثراء مؤلفاته. ويضيف كويلهو:"اكتشافي الأول للحضارة العربية الإسلامية كان من خلال العرب المقيمين في البرازيل، ثم قمت بتطوير معرفتي الإسلامية من خلال قراءة الأدب العربي مثل كتاب ألف ليلة وليلة إضافة للأدب الصوفي". ومن أشهر مؤلفاته: "فيرونييكا تقرر موتها" عام 2001 و"إحدى عشرة دقيقة"عام 2003 و"مكتوب" عام 2004.
تشومسكي مثال للإنسان المثقف
يُعتبر نعوم إفرام تشومسكي من أهم الشخصيات الثقافية على مستوى العالم. وهو أهم عالم لغويات معاصر، وأحد أكثر العلماء تأثيرًا في علم اللغويات الحديث. وتستخدم نظريات تشومسكي اللغوية بكثرة في علوم الاتصالات وعلوم الحاسب الآلي. ولد تشومسكي عام 1928 وحصل على درجته العلمية في اللغويات عام 1951 من جامعة بنسلفانيا. بعدئذ، في بداية الخمسينات، سافر إلى إسرائيل ليعيش فيها لفترة معينة. ومن ثم ترك إسرائيل وعاد إلى الولايات المتحدة؛ حيث عمل عام 1955 في جامعة هارفارد، ثم انتقل ليعمل في معهد ماساتشوستس للتكنولوجياM .I.T وما زال يعمل به حتى الآن. في عام 1957 نشر مؤلفه الهام "البناء السياقي" الذي أحدث ثورة في علم اللغويات الحديث، واعتبر التجاوز الأساسي للبنيوية في مجال اللغويات.
تشومسكي من أشد المعارضين للسياسة الأمريكية
وفي مجال اهتمامه بالعرب وبالثقافة الشرقية قام تشومسكي بزيارة لبنان بدعوة من الجامعة الأمريكية في بيروت، وألقى خلال إحدى الجلسات محاضرة تكريمية للمفكر الفلسطيني الراحل ادوارد سعيد ومحاضرة موجهة للمختصين بعلوم اللسانيات. ومن أهم أعمال تشومسكي:"اللغة والعقل" و"بعض جوانب نظرية السياق" و"القواعد والتمثيلات" و"دراسات سيمانطيقية في النحو التوليدي". وبالنسبة إلينا كعرب ومسلمين فيما يخص تشومسكي، فهو من أشد المدافعين عن القضايا العربية في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن أشد نقاد السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. وهو يصف هذه السياسة بأنها ضالة ومضللة، وخادمة وتكيل بمكيالين، وقد تؤدي بالعالم إلى الدمار الكوني؛ لأن الشرق الأوسط من المناطق شديدة الالتهاب في العالم. ولتشومسكي عدة كتب تنتقد السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط منها:" الشرق الأوسط" و"مثلث المقادير" و"قراصنة وقياصرة" و"ثقافة الإرهاب" و"أوهام ضرورية" و"الديمقراطية المعوقة" وغيرها الكثير.
غراس: الأدب العربي متنوع وعلى قدر كبير من الأهمية
ولد الأديب الألماني غونتر غراس عام1927 في مدينة دانتسيغ التي اقتطعت من ألمانيا بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية وضمت الى بولندا وأصبحت تدعى حينئذ بـ"غدانسيك". حصل على شهادة جامعية في فن الرسم والنحت الدقيق. حيث درس فن النحت بمعهد التدريب المهني في مدينة دوسلدورف الألمانية لمدة سنتين أتم دراسته الجامعية في مجمع الفنون في دوسلدورف وجامعة برلين. وبعد ذلك أكمل دراسته العليا في جامعة برلين للفنون. دخل غراس ميادين السياسة في بداية الستينات حيث تعرف على المستشار الألماني السابق فيللي براندت عندما كان رئيسا لبلدية برلين. وشارك بشكل فاعل بدعم الحملة الانتخابية للحزب الاشتراكي الديمقراطي في 1965، 1969 عام 1972. كما عُرف عنه مواقفه المعارضة جدا للحرب على العراق.
وبما يتعلق بالأدب العربي قال غراس يوما: "لقد تسنى لي أن اقرأ بعض النصوص الأدبية العربية المترجمة إلى الألمانية، فاكتشفت كم نحن في حاجة إلى المزيد، ليس لأنه أدب آخر فحسب، وإنما أيضا لأنه أدب على كثير من الخلق والتنوع والأهمية، ويعالج الموضوعات التي تشغلنا بعين أخرى." ومن الجدير بالذكر أن غراس حصل في عام 1999 على جائزة نوبل للآداب عن دوره في إثراء الأدب العالمي وخصوصا في ثلاثيته الشهيرة "ثلاثية داينتسيغ" بالإضافة إلى جوائز محلية كثيرة منها جائزة كارل فون اوسيتسكي عام 1967 وجائزة الأدب من قبل مجمع بافاريا للعلوم والفنون عام 1994. وفي عام 2005 حصل على شهادة الدكتوراة الفخرية من جامعة برلين.