ارتفاع غير مسبوق في درجة حرارة الأرض ينذر باخطار كارثية
٢٠ يوليو ٢٠٠٦أثبتت دراسة قام بها المركز الأمريكي الوطني للأبحاث أن الكرة الأرضية شهدت ارتفاعا في متوسط درجة حرارتها هذا العام لم تشهده منذ 400 عام. هذه الزيادة الحادثة تدق مجددا ناقوس الخطر والمطلوب وضع حد لظاهرة الاحتباس الحراري.
تشهد الكرة الأرضية ارتفاعا متسارعا وملحوظا في درجات الحرارة وفقا لتحليلات العلماء والخبراء بالجو. وتشير تنبؤات العلماء إلى أن الأعوام المقبلة ستشهد تزايدا متوقعا، نظرا لعملية التغير المناخي الكبير والذي يرتبط في جذوره بطبيعة النشاط البشري والصناعي وكذلك بمفهوم التنمية المستديمة، الأمر الذي ينذر بحدوث كارثة بشرية إذا لم يتم مكافحة التلوث من خلال وضع قوانين وضوابط تقلل من حجمه وتعمل على إعادة التوازن لمدخلات النظام البيئي.
وفي هذا الإطار، سجل العام 2005 أعلى درجة حرارة منذ بدء عمليات الرصد الجوي، مما يعد مؤشرا على تدهور النظام المناخي العالمي. وقد كان للسياسات العالمية للدول الصناعية أثر في تفاقم هذا الوضع، على سبيل المثال عملت إدارة الرئيس الأمريكي بوش على عرقلة تطبيق القرارات المتعلقة بتخفيض الغازات المنبعثة والتي تتسبب في ظاهرة الاحتباس الحراري، حرصا منها على عدم عرقلة النشاط الصناعي. يذكر أن ربع كمية الغازات المنبعثة في العالم تنطلق من الولايات المتحدة الأمريكية وحدها.
ارتفاع غير مسبوق
وفي دراسة أجراها المركز الأمريكي الوطني للأبحاث (National Research Council/NRC) بيّن فيها أنّ الكرة الأرضية، وعلى ضوء كثير من الحقائق البيئية، لم تشهد مثل هذا الارتفاع في درجات الحرارة منذ 400 عام وانّ هذا الارتفاع مرشح للزيادة. ومثل هذا الاستنتاج توصلت إليه أيضا وكالة أبحاث الفضاء الأمريكية ناسا، حيث سجلت دراساتها ارتفاع معدل درجة حرارة كوكب الأرض منذ عام 1890 خمس مرات، جميعها وقعت في العقد الأخير، أي في السنوات من 1998 الى 2005.
وقد تعاقبت على تطور الكون أطوار طغى عليها ارتفاع في درجة الحرارة أو البرد، وانعكست هذه التغيرات على طبيعة ونوعية الكائنات الحية. فقد عاشت حيوانات الماموث في أوروبا وشمال ألمانيا قبل 20 ألف عام، بينما احتلت التماسيح وسط أوروبا قبل 50 مليون عام، واستظلت بالنخيل الذي كان ينمو هناك. غير أن هانس يواخيم شيلنهوبر، مدير معهد بوتسدام لأبحاث آثار المناخ، يرى أن التغير الحالي الذي نشهده غير مسبوق، ويوضح بأنّنا نوجد في وقت هو الأكثر حرارة على وجه الأرض وأنّه إذا لم تبذل الجهود للحد من أسباب هذا الارتفاع، فإننا قد نجد أنفسنا ننتقل من العصر الدافئ الذي نعيش فيه إلى عصر ساخن.
المطلوب معالجة الاحتباس الحراري
وصلت مقدار الزيادة في متوسط درجة حرارة الكوكب هذا العام إلى 0,8 درجة حرارية. وهو ارتفاع يبدو طفيفا إذا نظرنا إليه كرقم مجرد، لكنه يعكس نتائج خطيرة، فما يفصلنا عن متوسط درجة الحرارة أثناء العصر الجليدي هو 5 درجات حرارية فقط، كما يقول شيلنهوبر. "خمس درجات ونصبح في عالم آخر تماما". والأدهى أن هذه الزيادة لم تحدث بفعل العوامل الطبيعية التي تتحكم بدرجة حرارة الكوكب، ولكن بتأثير النشاط الصناعي للإنسان. ولتوضيح حجم النتائج يقول شيلنهوبر إن عدد البشر في العصر الجليدي لم يتجاوز بضعة ملايين، عاشوا مركزين في المناطق المستوية الآمنة، أما في عصرنا الحالي فيعيش مليارات البشر موزعين على كافة أنحاء المعمورة. واستطاعت البشرية أن تصل بفضل استقرارها إلى حضارة راقية تميزها عن مجتمع الصيادين والرعاة التي كانت منتشرة في العصر الجليدي. غير أن هذه الحضارة الحديثة وما استتبعها من مرافق وقطاعات مختلفة أصبحت أكثر حساسية للتأثر بتغيرات المناخ.
الخبر السيئ الذي يحمله لنا يوخن ماروتزكه، مدير معهد ماكس بلانك للأبحاث الجوية، هو أن هذا الارتفاع في متوسط درجة حرارة الكوكب آخذ في الازدياد. فيتوقع ماروتزكه بأن تزداد درجة حرارة الكوكب بمقدار يتراوح بين 2,5 إلى 4 درجات مئوية خلال مائة عام من الآن، ويُرجع سبب هذا الارتفاع إلى ظاهرة الاحتباس الحراري الناجمة عن حرق الوقود العضوي. يُذكر أن العلماء يتوقعون أن يتضاعف معدل انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون خلال المائتي عام المقبلة. ماروتزكه يرى أن من غير الممكن إيقاف التغير الحاد في طبيعة المناخ، كل ما نستطيع فعله هو تقليل الآثار السلبية بقدر الإمكان عن طريق تخفيض كمية الغازات المنبعثة في الجو. أما شيلنهوبر فينصح بالابتعاد عن الوقود العضوي واستخدام مصادر طاقة متجددة.