إلى أين يتجه داعش بعد تراجعه في سوريا والعراق؟
٦ يونيو ٢٠١٦التقدم العسكري الذي تحرزه القوات المناهضة لتنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف إعلاميا بـ "داعش" على الأرض، في معاقله الرئيسية، بات مثار جدل بين الخبراء حول مدى تراجع قوة هذا التنظيم وفقدانه السيطرة على الأراضي التي يحتلها. وفي حين يرى مراقبون أن هذا التراجع لقوات تنظيم "داعش" قد يكون أمرا تكتيكيا مؤقتا، يرى آخرون أن التراجع الحالي يمكن أن يغير من قواعد اللعبة على الأرض؛ ويجعل من قيادة التنظيم تتجه إلى مناطق جديدة مثل ليبيا لتلقي بثقلها فيها وتعيد انتشارها هناك والتحرك بحرية على الأرض.
الباحث الألماني المتخصص في شؤون الشرق الأوسط ألبريشت ميتسغر، أكد في حوار مع DWعربية أن ما يجري على الأرض من تقدم دولي في محاربة "داعش"، يذكر ببداية التحالف الدولي الذي قادته دول العالم من أجل محاربة التنظيم. ويرى الخبير الألماني أن التنافس بين الدول، لا سيما بين روسيا وأمريكا أدى إلى تراجع مؤقت في زخم العمليات الواقعة على الأرض في السابق. إلا أن التقدم الحالي قد يفتح صفحة جديدة في إعادة انتشار قوات التنظيم وتركيزها في مناطق جديدة.
وكانت قوات النظام السوري المدعومة من روسيا قد أعلنت مؤخرا عن تقدم قواتها في ريف حماة الشمالي والزحف نحو الرقة، التي تعتبر معقل داعش في سوريا وعاصمة خلافته المزعومة. وجاء هجوم قوات النظام السوري بعد هجوم آخر كانت قد بدأته قوات سوريا الديمقراطية بدعم جوي من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لطرد التنظيم من شمال محافظة الرقة، انطلاقا من محاور عدة إحدها باتجاه مدينة الطبقة.
وفي ظل زيادة الضغط الذي يواجهه تنظيم "داعش" في سوريا، أعلنت قيادة عمليات تحرير الفلوجة عن تقدم الآليات العسكرية نحو المحور الجنوبي من المدينة التي تعتبر من ضمن المدن الرئيسية الكبرى التي يسيطر عليها التنظيم في العراق مع إكمال تحرير عدة قرى في الضواحي الجنوبية للمدينة. وهذا التقدم يوضح التحرك الدولي لتطويق "داعش" ودحره على أكثر من محور، وهو ما قد يؤدى إلى بحث التنظيم عن أرض بديلة. وهذا التراجع للتنظيم على الأرض لا يراه ميتسغر أتراجعا تكتيكيا، فهو يواجه ظروفا صعبة من حيث نقص التمويل واضطراره للحرب على أكثر من محور، إضافة إلى الدعم الدولي الكبير الذي تقدمه الدول الكبرى للقوات التي تقاتل "داعش" على الأرض.
إلى أين يمكن أن يذهب داعش؟
يرى الخبير الألماني أن التنظيم الإرهابي أو بعض من قياداته قد يتجه إلى التمركز في ليبيا أو أفغانستان، وذلك "لقدرة التنظيم هناك على إعادة الانتشار والحاضنة التي توفر له الحماية" إلا أن ميتسغر يرى أن دحر "داعش" في سوريا والعراق قد يكون "بداية النهاية لهذا التنظيم المتشدد".
فوفقا للباحث الألماني، تعتمد مقاومة "داعش" على "محاربة المبدأ الذي بنى نفسه عليه، وهو السيطرة على الأرض وإقامة الخلافة"، فقرب المناطق التي احتلها "داعش" من عاصمتي الخلافة العربية الإسلامية التاريخية في دمشق وبغداد، كان سببا في انتشار الفكرة بين البعض من المتشددين وقد ساهم التنظيم بنفسه على ترويجها. الآن يواجه "داعش" هجوما شرسا من عدة محاور، وهو ما قد يضطره إلى التراجع عن هذه المناطق وتركيز سيطرته على مناطق أخرى، وهو ما سوف يبعده عن المركز ويجعل من فكرة إقامة الخلافة على الأطراف أمرا غير مستساغ، حسب الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط.
لجوء داعش لتفجيرات في أوربا
تسود في أوروبا مخاوف من تنفيذ "داعش" عمليات انتقامية في القارة العجوز في ظل التحالف الدولي ضده، وذلك على غرار هجمات باريس أو بروكسل. كما أن رئيس مؤتمر وزراء داخلية ألمانيا، كلاوس بويلون قد أعلن من جهته عن اعتقاده بوجود المزيد من الخلايا الإرهابية الإسلامية في ألمانيا. وقال بويلون الذي يشغل منصب وزير داخلية ولاية زارلاند في تصريحات لصحيفة "هاندلسبلات" الألمانية الصادرة يوم (الاثنين السادس من يونيو/ حزيران 2016) "من السذاجة اعتقاد غير ذلك". ويتوقع بويلون أن يكون هناك على الأقل 100 إسلامي إرهابي تسللوا إلى الاتحاد الأوروبي، وقال "لا أرى هذا العدد مبالغا فيه". وذكر بويلون أن تنظيم "داعش" يهرب جناة إلى الاتحاد الأوروبي على أنهم لاجئون، وأضاف: "داعش يريد بذلك إخافة المواطنين لدينا، لإثارة مشاعر النفور تجاه طالبي وطالبات اللجوء وتعزيز القوى السياسية المتطرفة هنا".
إلا أن ميتسغر يقول في حواره مع DW عربية، إن التفجيرات الإرهابية أصبحت أمرا وارد في أوروبا، إلا أن السؤال الذي يجب أن يطرح هنا هو "ماذا حقق داعش وغيره من المتشددين في الهجمات التي استهدفت عدة مدن أوروبية؟". فالتفجيرات أثبتت بحسب ميتسغر أنها "بدون جدوى حاليا"، كما أن التخطيط لأية تفجيرات قد يؤدي إلى موجة كراهية شعبية ضده، وبالتالي المزيد من العمل العسكري ضده على الأرض وهو ما لا يصب في مصلحة التنظيم، الذي يواجه مقاومة متزايدة على الأرض، كما ليس من مصلحته حاليا فتح جبهات أخرى ضده. وتابع الخبير الألماني، أن من ضمن المخاوف المطروحة هي "عودة الفوضى وقدوم اللاجئين بأعداد كبيرة إلى أوروبا مجددا"، ويبقى السؤال هو كيف ستواجه أوروبا هذه الموجة من اللاجئين وما هي الخطط المطروحة لذلك؟.