إلغاء المساعدات الأمريكية للفلسطينيين.. خطوة لتصفية قضيتهم؟
٢٦ أغسطس ٢٠١٨سلسلة من الخطوات الأمريكية تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب تثير الشكوك حول الموقف الأمريكي من القضية الفلسطينية، لعل أبرزها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إليها. لكن آخر خطوة تمثلت في إلغاء مساعدات مالية أمريكية للفلسطينيين، بعد أن ألغت واشنطن مساعداتها لمنظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) بشكل جعل المنظمة تسرح مئات العاملين الفلسطينيين لديها في غزة والضفة الغربية.
عن الخطوة الأخيرة، يقول الفلسطينيون إنهم مقتنعون بأن قرار الرئيس الأمريكي إلغاء مساعدات مالية لهم ليست سوى خطوة جديدة في مساعيه "لتصفية" قضيتهم. ويرى الفلسطينيون أن هذه السلسلة من العقوبات تندرج في إطار برنامج أوسع يهدف إلى الغاء كل مطالبهم.
من جانبه، اعتبر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وكبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، أن القرار الأمريكي الأخير هو "اعتراف بالمغزى الحقيقي لسياسة المساعدات الأمريكية المتمثلة بالتدخل في الشؤون الداخلية للشعوب الأخرى والتأثير على خياراتها الوطنية".
من جهتها، رأت عضوة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حنان عشراوي، أن "الإدارة الأمريكية أثبتت أنها تستخدم أسلوب الابتزاز الرخيص أداة ضغط لتحقيق مآرب سياسية". فيما قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني جهاد حرب لوكالة فرانس برس إن "أمريكا الآن تشارك حكومة إسرائيل اليمينية أحلامها وسياساتها".
من جهته، قال كوبي ميكائيل، المسؤول السابق في وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية المكلفة بالمسائل الفلسطينية، إن قرار ترامب يشكل خطوة لصحوة ضرورية للقيادة الفلسطينية. وأضاف: "أعتقد أن الإدارة الأمريكية تفعل ما كان يجب فعله منذ عقود".
عودة مشروطة للمساعدات
وأعلنت الولايات المتحدة الجمعة إلغاء أكثر من مائتي مليون دولار من المساعدات المخصصة للفلسطينيين، تعادل كل الأموال المخصصة للسنة المالية 2018 تقريباً. وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية للصحفيين إنّه "بطلب" من الرئيس دونالد ترامب، ستقوم الإدارة الأمريكية "بتغيير وجهة استخدام أكثر من مائتي مليون دولار كانت مخصّصة أساساً لبرامج في الضفة الغربية وقطاع غزة".
يذكر أن العلاقات بين إدارة ترامب والسلطة الفلسطينية مجمّدة منذ أن أعلن الرئيس الأمريكي في السادس من كانون الأول/ ديسمبر 2017 اعتراف الولايات المتّحدة رسمياً بالقدس عاصمة لإسرائيل، في خطوة لقيت رفضاً من المجتمع الدولي وغضباً فلسطينياً عارماً.
ورداً على هذا الموقف، أعلن ترامب في نهاية كانون الثاني/ يناير أنه سيشترط عودة الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات لتسليمهم المساعدات. وقد قام بتجميد هذه المساعدات البالغة 215 مليون دولار وكان يفترض أن توظفها الإدارة الأمريكية في غزة والضفة الغربية للمساعدة الإنسانية والتنمية.
يأتي هذا القرار الأمريكي بينما تعاني ميزانية السلطة الفلسطينية من عجز كبير وتشهد الظروف المعيشية في قطاع غزة، الذي يخضع لحصار إسرائيلي قاس وتسيطر عليه حركة حماس، تدهوراً سريعاً. وتعاني ميزانية 2018، التي تبلغ خمسة مليارات دولار، من عجز قدره 1.2 مليار دولار. بينما تبلغ قيمة المساعدة الدولية 775 مليون دولار. وسيؤثر إلغاء المساعدات الأمريكية على برامج إنسانية ومشاريع للبنى التحتية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
من جانب آخر، لم يعلن البيت الأبيض حالياً عن تغيير في دعمه المالي لقوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، الذي يبلغ 61 مليون دولار هذه السنة. وتعتبر إسرائيل التعاون مع هذه الأجهزة الفلسطينية أساسياً لإفشال مخططات الهجمات.
أهداف الضغط الأمريكي على الفلسطينيين
القضايا التي تثيرها إدارة ترامب تتعلق بملفات تشكل لب النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، مثل مسألة القدس وعودة اللاجئين الفلسطينيين. ويصر الفلسطينيون على أن وضع القدس يجب أن يتقرر بالتفاوض في إطار اتفاق سلام، كما تدعو الأسرة الدولية. وأثار القرار الأمريكي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ارتياح الإسرائيليين. لكنه لقي إدانة دولية واسعة وأغضب الفلسطينيين الذين يطالبون بشطرها الشرقي ليكون عاصمة لدولتهم يتطلعون إليها. وتعتبر الأسرة الدولية القدس الشرقية أرضاً محتلة ولا يمكن أن تتمركز فيها سفارات قبل تسوية وضعها.
وبالنسبة للقيادة الفلسطينية، يشكل "حق العودة" للاجئين الفلسطينيين الموزعين في الضفة الغربية وقطاع غزة ودول في المنطقة، مثل الأردن ولبنان وسوريا خصوصاً، مسألة أساسية في مفاوضات محتملة مع اسرائيل. وكان حوالى 750 ألف فلسطيني قد فروا أو طردوا من أراضيهم عند إنشاء إسرائيل في 1948. وباحتساب أحفاد هؤلاء، ارتفع عدد هؤلاء اللاجئين إلى خمسة ملايين حسب الأونروا.
وذكرت قناة تلفزيونية إسرائيلية أن البيت الأبيض قرر ألا يحتسب بعد الآن سوى 500 ألف منهم. ورفض مسؤول في السفارة الأمريكية تأكيد هذه المعلومات. ولم تخصص واشنطن للأونروا في 2018 سوى ستين مليون دولار بعدما دفعت 360 مليوناً في 2017 تشكل حوالى ثلاثين في المائة من إجمالي تمويلها.
ح.ع.ح/ ي.أ (أ.ف.ب)