إلغاء الخدمة العسكرية الإجبارية يزيد من مصاعب الجامعات الألمانية
٣٠ يناير ٢٠١١تدرس الطالبة آنّا العلوم الاقتصادية في جامعة كولونيا، التي تعد من أكبر جامعات ألمانيا، وتقول آنّا إن جامعتها تشهد حالة من "الاكتظاظ"، تكون على أشدها في بداية كل موسم دراسي، خاصة في الأسابيع الثلاثة الأولى، التي يتدافع الطلاب للحصول على معقد في قاعات المحاضرات. وتضيف آنّا بالقول: "مرة شاهدت بعض الطلاب وهم يرمون بأغراضهم نحو الصفوف الخلفية حتى يضمنوا الحصول على مقعد في المدرج. كان مشهداً غريباً للغاية بالنسبة إلي، وأزعجني كثيراً."
ارتفاع هائل في عدد الطلاب
ولا تقتصر هذه الحالة على جامعة كولونيا وحدها، بل أخذت تعاني منها العديد من الجامعات الألمانية. ومن المتوقع أن تزداد حدة مع دخول القرار الحكومي القاضي بإلغاء الخدمة العسكرية الإجبارية حيز التنفيذ. إن الطاقة الاستيعابية للجامعات الألمانية تستوعب بالكاد العدد الحالي للطلاب الذي يصل إلى 2.200.000 طالبة وطالب. وهذا العدد سيزداد إلى ما يقارب 2.700.000 بسبب إلغاء الخدمة العسكرية الإجبارية، كما يتوقع المعنيون بهذا الشأن.
مارغريت فينترمانتل، رئيسة مؤتمر المدارس العليا والذي يمثل رؤساء الجامعات الألمانية، لا تخفي قلقها حول هذه التطورات التي تجد أنها تمثل تحدياً جديداً للجامعات. وتضيف فينترمانتل قائلة: " المؤسسات الجامعية مستعدة لتحمل المسؤولية، لكنها بحاجة ماسة إلى مزيد من الدعم، حتى تتمكن من استقبال الطلاب الجدد دون أن يؤثر ذلك على جودة التعليم."
رسالة مارغريت فينترمانتل لا تقبل التأويل: فالجامعات بحاجة إلى الدعم المالي حتى تتمكن من استيعاب الكم الهائل من الطلاب الذين سيتوافدون عليها خلال الأشهر المقبلة. ويقدر الخبراء إلى أن الجامعات الألمانية ستحتاج إلى ملياري يور إضافية سنوياً.
من جهة أخرى ترى مارغريت فينترمانتل في ارتفاع عدد الطلاب فرصة فريدة لألمانيا، وتطالب المسؤولين باتخاذ الإجراءات المناسبة لمواجهة هذه التغييرات: "يجب أن يحدث شيء ما، من أجل عدم إضاعة هذه الفرصة الفريدة، تكوين جيل بأكمله من خلال استغلال الإقبال الكبير للطلاب على الجامعات ورغبتهم في بدء مسيرة دراسية."
لا بديل عن دعم الجامعات
ويتفق العديد من السياسيين الألمان على أن ألمانيا بحاجة إلى المزيد من الطلاب، حتى تتمكن من التصدي لتحديات العولمة والمنافسة الدولية، خاصة في مجالي البحث العلمي والابتكارات الصناعية. لكن في الوقت ذاته لم يبد هؤلاء الساسة أي استعداد لرفع ميزانية التعليم العالي والبحث العلمي بشكل يلائم هذه التحديات.
لكن هذا الوضع يجب أن يتغير في أقرب وقت كما يقول ديتر بومن الباحث في مجال اقتصاد التربية. ويعتقد بومن أنه لا يوجد خيار آخر أمام الساسة الآن، فالارتفاع الهائل في عدد الطلاب يشكل ضغطاً سياسياً كبيراً لا يمكن للمسؤولين تجاهله". ويضيف بومن بالقول: "لا أعتقد أن الحكومة الاتحادية أو حكومات الولايات الألمانية ستسمح لنفسها بإغلاق أبواب التعليم أمام كل هذا العدد من الشبان".
وهذا بالتحديد ما ستضطر إليه الجامعات الألمانية، إذا لم تحصل على الدعم المادي المطلوب من جانب الحكومات: وهو محاولة الحد من الاكتظاظ في المدرجات من خلال وضع شروط أكثر تعقيداً للقبول فيها.
الكاتب: كريستيان هيملرات/ خالد الكوطيط
مراجعة: عماد مبارك غانم