إشادة ونقد لمشاركة ميركل في حفل تسليم جائزة الإعلام لفيسترغارد
٨ سبتمبر ٢٠١٠أثارت مشاركة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في حفل تكريم الرسام الدنماركي كورت فيسترغارد أمس الأربعاء(8 سبتمبر/أيلول)، صاحب الرسوم التي اعتبرها الكثير من المسلمين مسيئة للنبي محمد، انتقادات حادة من قبل المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا. وفي حديثه مع صحيفة "ميتلدويتشه تسايتونغ" الألمانية الصادرة الخميس قال أيوب أكسل كولر، رئيس المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا عن خطاب ميركل الذي دافعت فيه عن حق فيسترغارد في رسم مثل هذه الرسوم :"بهذا يعاد سكب الزيت على النار". ورأى كولر أن ميركل "تغذي بهذا عداوة المسلمين".
أما الأمين العام للمجلس أيمن مزيك فقد قال من جانبه إن ميركل شاركت في تكريم رسام الكاريكاتير الذي "نرى أنه وطأ نبينا بالأقدام". وأضاف مزيك في حديثه مع إذاعة "دويتشلاند راديو" أمس الأربعاء أن تكريم فيسترغارد في هذا الوقت يعد ذا إشكالية كبيرة. ورأى مزيك أن الرسوم صورت المسلمين في كافة أنحاء العالم على أنهم إرهابيون.
وفي سياق متصل اتسم رد فعل ريناته كوناست، زعيمة الكتلة البرلمانية لحزب الخضر المعارض، إزاء ظهور ميركل في حفل تكريم فيسترغارد بالتشكك قائلة "لو كنت مكانها لما فعلت هذا". في الوقت نفسه شددت كوناست على حرية الرأي حتى في الرسوم الكاريكاتورية لكنها اعتبرت إلقاء المستشارة خطاباً في هذه المناسبة تصعيداً.
ميركل تؤكد على حرية الصحافة
وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حضرت تسليم جائزة الإعلام، التي يقدمها اتحاد "إم100" للصحفيين المتميزين ، لرسام الكاريكاتور الدنماركي كورت فيتسرغارد، صاحب الرسوم التي نشرتها صحيفة دنماركية عام 2005 واُعتبرت من قبل البعض مسيئة للإسلام.
وألقت ميركل، التي حضرت حفل التكريم وسط تدابير أمنية مشددة، كلمة أكدت فيها على أهمية حرية الرأي والصحافة. واستغلت المستشارة الألمانية حفل تكريم الرسام الدنماركي للتنديد بخطة الكنيسة الأمريكية حرق مصاحف من القرآن وقالت: "إنه أمر مهين ومشين وخاطئ". وأكدت في الوقت نفسه على أن الرسام الدنماركي قد استحق الجائزة نظرا لشجاعته في الدفاع عن حرية الرأي والصحافة.
فيسترغارد يؤكد على رغبته في الحوار مع المتسامحين
وفي حديث مع صحيفة "كولنر شتات أنتسايجر" الألمانية في عددها الذي صدر اليوم الخميس، قال فيسترغارد البالغ من العمر 75 عاما، إن تكريمه بمنحه جائزة الإعلام يعد "شرفا كبيرا له وأكبر اعتراف حصل عليه" واعتبر أن الجائزة ستخدم حرية الرأي. وشدد على أنه "ليس لديه أي مشكلة سوى مع الإسلاميين، الذين يستخدمون الإسلام في شكل "ذخيرة"". وأكد على رغبته في الحوار مع "المسلمين المتسامحين" بشكل عام، لافتا إلى أنه يرى أن ذلك "غير ممكن في الوقت الراهن".
على صعيد آخر، أعرب فيسترغارد عن شعوره بخيبة الأمل من موقف الدوائر الثقافية والفكرية في العالم الإسلامي منه. يأتي ذلك وسط اعتراضات البعض على منح فيسترغارد الجائزة، حيث يرى خبير الشؤون الإسلامية الألماني سيباستيان الزيسر أن مثل هذا الأمر من الممكن أن يكون له تبعات غير محسوبة وأضاف: "من الممكن أن يثير هذا الأمر استياء المسلمين إذا تم تفسيره على أنه دعم واضح لتصريحات معادية للإسلام".
ردود فعل متباينة حول تكريم فيسترغارد
وقوبل تكريم فيتسرغارد من قبل الصحافة والأحزاب السياسية في ألمانيا بردود فعل متباينة، فقد كتبت صحيفة فرانكفورتر ألغيماينه تسايتونغ، اليوم الأربعاء قبل مراسم الحفل، "بالتقاط صور لها بجوار كورت فيسترغارد فإن ميركل تقدم على مخاطرة كبيرة"، واعتبرت الصحيفة أن خطوة ميركل هذه "تننطوي على مخاطر كبيرة، بل وتعتبر على الأرجح أكثر مواعيدها حساسية طوال فترة توليها منصب المستشارة". وأضافت الصحيفة قائلة إن "الرسام الكاريكاتوري الذي يظهر النبي محمد وهو يضع قنبلة في عمامته ليس أفضل عمل فني في هذا القرن ولا يعتبر مصدر إلهام لحوار لبق في معالمه. لكنه رسم حدود قيمنا وهويتنا بشكل دقيق: أوروبا مكان يمكن فيه لرسام أن يرسم شيئاً مثل هذا". وجاء في مقال الصحيفة الصادر اليوم الأربعاء "وإذا ما بات ذلك سبباً لتهديد حياته فإن هذا التهديد موجه لنا جميعاً".
أما صحيفة بيلد الألمانية الشعبية الواسعة الانتشار فقد أشادت بفيسترغارد ووصفت في عددها اليوم مشاركة ميركل في تسليم الجائزة بأنها "الأكثر شجاعة". وكتبت تقول إن مشاركة ميركل يظهر أن "ألمانيا لا تتراجع في مواجهة التهديدات من متعصبين إسلاماويين". وعلقت الصحيفة اليوم قبل حفل تسليم الجائزة قائلة "إن المستشارة ميركل ستستغل أول تكريم رسمي لفيسترغارد لإعلان رسالة سياسية: فميركل ستلقي خطاباً بمناسبة الاحتفالية، لتظهر أن ألمانيا لا تتراجع أمام تهديدات الإسلامويين المتطرفين. فبخصوص الدفاع عن حقوق الإنسان لم تبد المستشارة حتى الآن أي تحفظ لأسباب دبلوماسية، إذ كانت أول مستشار ألمانية تستقبل الدالاي لاما، ولا حينما أبدت تحفظاتها للأمريكيين بسبب معتقل غوانتانامو".
من جهتها، انتقدت كريتسنه بوخولتس، المتحدثة باسم الجناح البرلماني لحزب اليسار المعارض، تكريم الرسام الدنماركي، وقالت: "مع نهاية شهر رمضان تعتبر هذه الخطوة بمثابة صفعة لأولئك الذين يبذلون جهودهم من أجل نشر قيم الاحترام والتسامح ويحاربون العنصرية المعادية للإسلام." وأضافت: "نحن بحاجة إلى تضامن أكثر بين مختلف الأديان والثقافات بدلا من التحريض العنصري."
ويذكر أن جائزة "إم 100" للإعلام تمنح سنويا لشخصيات المؤثرة في أوروبا والعالم. ومن الشخصيات التي سبق وفازت بهذه الجائزة، وزير الخارجية الألماني الأسبق هانز ديتريش غينشر والسياسية الكولومبية انغريد بيتانكورت والموسيقار الأيرلندي بوب غيلدوف.
(ع.غ / د.ب.أ/ رويترز)
مراجعة: هيثم عبد العظيم