إسرائيل أضرت بنفسها قبل غيرها
٣١ مايو ٢٠١٠لا يمكن تصور تطور أسوأ مما حدث بعدما اعترضت البحرية الإسرائيلية سفنا محملة بمساعدات إنسانية موجهة لسكان قطاع غزة الذين يعانون كثيرا، فقتل عدد من نشطاء السلام على متن هذه السفن. وبغض النظر عن الجهة التي بادرت إلى استعمال العنف، فإن موت مدنيين خلال هذه العملية لا يمكن تبريره على الإطلاق، لهذا فإن من الضروري أن تقوم جهة محايدة وذات مصداقية دولية بالتحقيق في أدق تفاصيل العملية العسكرية الإسرائيلية.
هذا التحقيق هو في صالح إسرائيل أيضاً، ذلك أنها أضرت بنفسها من خلال هذه العملية، وأن عليها أن تنتهز الفرصة للتقليل من أي أضرار أخرى لهذا العمل، لأن قيامها بعملية عسكرية ضد نشطاء سلام دوليين يقومون بمهمة إنسانية يلحق ضررا بالغا بصورتها ليس فقط في العالم الإسلامي ولكن أيضا في أوروبا حيث تلقى الكثيرون الخبر بمزيج من الغضب والارتياع.
وبالطبع تحدث الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن "مجزرة"، كما استغل الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد هذه الظروف المواتية لتغذية الرأي العالمي مجددا بمزيد من خطاباته المعادية لإسرائيل، فقوات الأمن الإسرائيلية قد أعطته حجة مثالية بالفعل لهذه الخطابات.
ولا ينحصر الأمر في أحمدي نجاد، بل يتعداه إلى عدد من أعداء إسرائيل، مثل حركتي حماس وحزب الله، والذين يعدون أيضاً من منتهزي هذه الفرصة، فنداءات "المقاومة" التي تطلقها هذه المنظمات ستلقى تجاوباً أكبر في الدول العربية والإسلامية بعد هذه العملية العسكرية، وخصوصاً في تركيا، الذي يحذر وزير خارجيتها حالياً من عواقب "لا يمكن إصلاحها" تجاه إسرائيل. ومن جهتها دعت حماس العرب والمسلمين إلى النهوض والتظاهر أمام السفارات الإسرائيلية في أنحاء العالم. هذه التطورات خطيرة للغاية، لأن الغضب الشعبي في هذه المنطقة المليئة بالتوتر قد يتحول بسرعة إلى تصعيد أكبر.
الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص مطالبان ببذل كل الجهود لتفادي التصعيد. إدانة العملية العسكرية الإسرائيلية، وقطع مناورات عسكرية مزمعة مع إسرائيل، إضافة إلى استدعاء سفراء اسرائيليين في عدد من الدول الأوروبية. كل هذه الإجراءات تشكل إشارات واضحة مفادها أن أي اعتداء على المدنيين يتخطى كل الخطوط الحمراء. ومن المرجو أيضاً أن يسلط هذا الحدث مزيداً من الضوء على الوضع الإنساني لسكان قطاع غزة، كم يتعين على إسرائيل ولكن أيضا مصر أن يرفعا أخيرا الحصار المفروض على القطاع.
لن يستفيد أي أحد – بمن فيهم سكان القطاع – من التشهير المستمر بإسرائيل على المستوى الدولي، ويجب الاستماع بجدية إلى آراء جميع الأطراف المعنية. ومن المهم أيضاً أن يتم إجراء تحقيق مستقل بأسرع ما يمكن ودفع إسرائيل إلى الموافقة على إجراء مثل هذا التحقيق، وإلا فإن أي محاولة للتقليل من أضرار هذه العملية العسكرية ستكون مهددة في الفشل.
الكاتب: راينر زوليش
مراجعة: حسن زنيند