إرهابي عيد الميلاد - فشل أمني في جميع أنحاء ألمانيا
١٣ أكتوبر ٢٠١٧دعت كتلة المحافظين الألمانية الجمعة ( 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2017) إلى رفع إمكانيات القوى الفيدرالية وزيادة عدد الشرطة فى أعقاب تقرير سلط الضوء على الأخطاء التى ارتكبتها السلطات في أنحاء ألمانيا والتي أدت إلى الهجوم الإرهابى المميت الذى وقع فى كانون الثاني/ ديسمبر الماضي فى برلين.
كان أسوأ هجوم إرهابي إسلاموي في ألمانيا، حيث قُتل اثنا عشر شخصا على يد أنيس عمري قبل وقت قصير من ليلة عيد الميلاد في عام 2016 عندما قاد شاحنة مسروقة وسط جمع من المارة في إحد أسواق عيد الميلاد (فايناخت ماركت) في برلين. كما أسفر الهجوم الإرهابي عن أكثر من 60 مصابا، اصابات بعضهم خطيرة. وسرعان ما حامت شكوك حول أخطاء السلطات الأمنية التي أدت إلى تمكين الهجوم بشكل غير مقصود. وعندما قدم المحقق الخاص برونو جوست، الذي كلفه مجلس الحكومة في برلين في نيسان / أبريل، تقريرا مرحليا في بداية تموز / يوليو 2017، كان هناك حديث عن فرص ضائعة بل وتزوير للملفات.
وبعد ثلاثة أشهر، ثبت الانطباع بأن الهجوم الإرهابي الذي نفذه عمري قد وقع في نهاية سلسلة طويلة جداً من أخطاء العديد من السلطات. ويؤكد القاضي الفيدرالي السابق جوست و البرلماني من الحزب الديمقراطي الاشتراكي في برلين أندرياس جيز أن الأخطاء لم تُرتكب فقط في العاصمة الألمانية. وفقا للنتائج التي توصل لها التقرير، كانت هناك أيضا إخفاقات في ولاية شمال الراين ويستفاليا، وولاية بادن فورتمبيرغ وعلى المستوى الاتحادي.
في صيف عام 2016 تم الإفراج عن عمري بعد يومين في السجن
وما إذا كان من الإمكان منع هجوم عمري، الذي قُتل في وقت لاحق خلال هروبه إلى إيطاليا، قبل تنفيذه، يبقى ضربا من التخمين. يقول المحقق الخاص يوست إنه ليس هناك "يقين رياضي" بأنّ طالب اللجوء من تونس كان يمكن اعتقاله في الوقت المناسب، لكن "فرصة حقيقية" كانت موجودة. وحسب تقدير جوست فإن أفضل فرصة لم يتم انتهازها لمنع الهجوم قبل وقوعه كانت في نهاية شهر تموز/ يوليو 2016. في ذلك الوقت، أحضرت الشرطة الاتحادية في فريدريشسهافن عمري من حافلة للرحلات حيث تم استجوابه واعتقاله. والسبب كان أنه تم العثور على جوازات سفر مزيفة بحوزته. لكن -على ما يبدو- لم يعرف المسؤولون في ولاية بادن فورتمبيرغ من كان قد علق في سنارتهم. وهكذا فقد أطلق سراح عمري بعد يومين من توقيفه.
عندما حدث الهجوم، حصلت السلطات الألمانية في جميع أنحاء البلاد على معلومات كثيرة عن القاتل ولكن في وقت متأخر: فقد سُجل كطالب لجوء في ولاية شمال الراين ويستفاليا تحت هويات مختلفة، وكان يتاجربالمخدرات كما كان متورطاً بشجار.
وجاءت العديد من هذه النتائج عبر المكالمات الهاتفية التي تم تعقبها ومجموعات المراقبة التابعة لشرطة برلين. بل هناك أكثر من ذلك، حيث كان اسم عمري معروفاً أيضا في المركز المشترك للتصدي للإرهاب على المستوى الاتحادي وعلى مستوى الولايات على حد سواء.
حتى الموبايل المسروق تم تسليمه للقاتل
وفي هذه المرحلة من التحقيقات، يعرب المحقق الخاص برونو يوست عن "أن كل ما كان يمكن أن يتم فعله خطأ، قد تم فعله خطأ." ومع المعلومات التي كانت لدى الشرطة ومكتب المدعي العام في برلين وولاية شمال الراين ويستفاليا، كان يمكن للمرء أن "يتحرك باتجاه فريدريشسهافن." وبدلا من ذلك، فإن الزملاء الذين افتقدوا للمعلومات في جنوب الجمهورية قد أجروا "استجواب رقم 0815"، وهو استقصاء سطحي.
كما أعادوا لعمري هاتفا محمولا مسروقا في وقت سابق من مخيم للاجئين. ربما كان اجراء تحليل لمحادثات عمري قد اسهم في أن يطرح أدلة تكشف خطره. وبشكل عام، توصل يوست إلى استنتاج مفاده أن القاتل في وقت لاحق كان يمكن مؤقتاً تحديد حركة مروره، ليس فقط لمدة يومين ولكن لثلاثة أشهر على الأقل.
عام 2015، اختفى طالب اللجوء في ولاية بادن فورتمبيرغ
في نهاية بحثه الذي استمر ستة أشهر، وصل المحقق الخاص إلى نتيجة أنه في حالة عمري كان هناك "فضول عرضي". وبناء على ذلك، قدم عمري إلى فرايبورغ في 6 تموز / يوليه 2015 ثم أُرسل إلى مدينة كارلسروه في إيطار تسجيل طالبي اللجوء. هناك على ما يبدو لم يره أحد وتم تسجيله على أنه غير "غير موجود". وفي وقت لاحق كان قد تقدم إلى مدينة إلفانغن وتم تسجيله مرة أخرى. وهكذا كان يتوجب على عمري البقاء في ولاية بادن فورتمبيرغ. ولكن على ما يبدو لم يلاحظ غيابه أحد. وهذا حدث "لأسباب غير معروفة".
على ما يبدو اقترب عمري من السلطات في جميع أنحاء البلاد بشكل كبير لدى وصوله. ويقول المحقق الخاص يوست انه يجب على المرء أن ينظر في الوضع في ذلك الوقت. ففي بداية أزمة اللاجئين في صيف عام 2015، تعرض الجميع لضغوط عمل وأداء كبيرة.
وفي تلك المرحلة المبكرة لم يكن هناك تسجيل إلكتروني لبصمات الأصابع، حيث كان التسجيل لا يزال بواسطة الطوابع والورق. ولهذا السبب أيضا، كان من السهل لعمري التنقل بين العديد من الهويات في ألمانيا. إلا أن يوست أكد قائلا " ولكن هذا لا ينبغي أن يكون عذرا."
"أمر مريع للضحايا والناجين"
وزير الداخلية في برلين غايزل، ناشد لإنشاء لجنة فحص في البوندستاغ لمواجهة الأسئلة المفتوحة الكثيرة، مشيداً بمحققه الخاص بأعلى النغمات حيث يقول إنه عمل"بسرعة وبشكل شامل وبدون تقاعس". ومن ناحية أخرى، يلقي يوست أهمية كبرى على التسهيلات التي قدمتها الحكومة في برلين حيث أنه "لم يخضع لأي توجيهات أو قيود". وبصرف النظر عن العديد من الأخطاء وحتى التلاعب في قضية عمري، فقد أعرب القاضي الاتحادي السابق على شيء واحد: أنه لن تكون هناك محاكمة، لأن الجاني الرئيسي قد مات. ومن المرجح أن لن يتم القبض على المتواطئين، وهذا أمر محزنٌ بالنسبة للضحايا والناجين". وهذه الجملة تنطبق أيضا على محتوى التقرير النهائي الذي كتبه يوست.
مارسيل فورستيناو / ح.خ