إجراءات الدخول إلى ألمانيا تفاقم معاناة اللاجئين السوريين
٥ يونيو ٢٠١٥لم تترك الحرب في سوريا الكثير من الخيارات للعديد من السوريين للانعتاق من الأزمة التي فاقت الأربع سنوات، عائلة طعمة مثلا اختارت الهجرة كحل للهروب من جحيم الحرب وأهوالها. غير أن الهجرة خارج سوريا فتحت أبوابا جديدة لمحنة من نوع آخر، تتعلق بالحصول على إقامة شرعية داخل الدول المستقبلة للاجئين.
تعيش عائلة طعمة مشتتة بين بلدين، فالأم تعيش في مدينة مونشنغلادباخ الألمانية رفقة ابنها الصغير، في حين يعيش أبناؤها الثلاثة الكبار في شقة ضيقة في اسطنبول التركية، ومنتهى أملهم حاليا هو الالتحاق بشكل نهائي بوالدتهم وبأخيهم الأصغر في ألمانيا، غير أن الأمر ليس سهلا كما كانوا يعتقدون، إذ ينبغي للشبان الثلاثة أن ينتظروا 11 شهرا ليصل فقط موعدهم لتقديم طلب رسمي للحصول على فيزا الالتحاق بالعائلة.
ضغط على المصالح القنصلية الألمانية
منحت بلدان الاتحاد الأوروبي حق اللجوء إلى حوالي 70 ألف لاجئ سوري، وحملت ألمانيا على عاتقها مسؤولية استقبال القسم الأكبر منهم بعدد يقارب 48 ألف لاجئ سوري. وبحسب وزارة الخارجية الألمانية فإن المصالح القنصلية الألمانية تستقبل في تركيا وحدها أكثر من 10 آلاف طلب لجوء لالتحاق بالعائلة في ألمانيا، ما يجعل الضغط كبيرا على تلك المصالح القنصلية.
" لقد أخذنا الموعد في فبراير/ شباط 2016" هكذا يقول قاسم طعمة وهو لا يستطيع أن يصدق أن يكون وقت الانتظار حوالي السنة، إضافة إلى ذلك ينبغي الانتظار بعد هذه المدة، أسابيع أخرى لتأتي الموافقة من القنصلية العامة الألمانية في تركيا، مما يجعل فترة انتظارهم تطول أكثر فأكثر.
يبلغ قاسم من العمر 19 عاما وهو أكبر إخوته، ويتحمل مسؤولية أخويه المراهقين البالغين من العمر 13 و16 عاما. يعيش الإخوة منذ هروبهم من سوريا في اسطنبول، ويحرص الإخوة على التواصل بشكل يومي مع والدتهم في مونشنغلادباخ، والتي تقول:" لقد قيل لي أنه علي أن انتظر 3 أشهر ليلتحق بي أبنائي." وتضيف بلهجة يملؤها الإحباط:" أحس بالمرارة وأنا أعيش بعيدا عن أبنائي، فنحن عائلة واحدة وينبغي أن نبقى كذلك."
أحلام مؤجلة إلى أجل غير مسمى
نظرا للضغط الذي تعرفه المصالح القنصلية الألمانية في تركيا تخطط ألمانيا لإقامة أول برامجها لإغاثة اللاجئين السوريين في تركيا، إذ سبق وأعلن وزير التنمية الألماني غيرد مولر في مارس الماضي عن مخطط لتأسيس عدة مراكز لاستقبال اللاجئين السوريين في المناطق التركية القريبة من الحدود السورية بتكلفة تقدر بعشرة ملايين يورو، كما تعتزم الجمعية الألمانية للتعاون الدولي ترميم مدارس للأطفال السوريين في تركيا بتكلفة تقدر بـ 1,4 مليون يورو.
وبالرغم من كل تلك المجهودات الحكومية أو مجهودات المجتمع المدني فإن العدد الكبير للاجئين السوريين في تركيا يجعل المهمة صعبة. بالنسبة لقاسم طعمة، فان المشكلة لا تكمن فقط في طول فترة الانتظار وإنما في إمكانية إيجاد عمل في اسطنبول، وكذلك إمكانية ذهاب إخوته إلى المدرسة، ويقول قاسم:" أنا هنا لا أقوم بأي شيء مفيد." فقد كان قاسم يحلم بمتابعة دراسته الجامعية في طب الأسنان، كما كانت تلك هي أمنية والده قبل أن يلقى حتفه في حادث سيارة قبل حوالي ست سنوات.
حلول أخرى؟
بسبب طول الإجراءات القانونية للحصول على اللجوء في بلدان الاتحاد الأوروبي يسعى اللاجئون السوريون للبحث عن حلول بديلة، إذ يستغل مهربو البشر حاجة هؤلاء للذهاب إلى أوروبا فيتم نقلهم إلى الضفة الأخرى بطرق غير شرعية مقابل آلاف اليوروهات. قاسم طعمة يعرف هؤلاء، لكنه لا يريد أن يسلك مسلكا غير شرعي:" الكثير من الناس ماتوا بسبب ذلك غرقا، وهذا الأمر بالنسبة لي مرفوض بتاتا."
والدته تقول إنها تريد أن يلتحق بها أبناؤها في أسرع وقت ممكن، وهو الأمر الذي يبدو بعيد المنال، بالرغم من أن وزارة الخارجية الألمانية عززت طاقم مصالحها القنصلية في تركيا بمستخدمين جدد. ويبلغ عدد اللاجئين السوريين في تركيا حوالي 1.7 مليون لاجئ، مما يصعب مهام الدولة التركية والدول الأخرى المستقبلة للاجئين كألمانيا.