أيورفيدا ـ بلسم للصحة أم خطر على الحياة؟
٢٦ نوفمبر ٢٠١٥
قد يعتقد البعض أن أيورفيدا (وهو من نوع من الطب البديل)، أمر خال من المخاطر تماما، فاستخدام بعض الأعشاب هنا أو هناك والاستمتاع بالتدليك أو التعرض لبعض أشعة الشمس في الصباح لمنح مزيد من التوازن للجسد والروح قد يبدوا في ظاهره أمرا مفيدا، غير أن هذه الأشكال من العلاج الطبيعي في سيريلانكا معقل الأيورفيدا قد تتحول إلى مخاطر حقيقة على صحة الإنسان.
بعد العودة من رحلة العلاج الطبيعية هذه قد تظهر مجموعة من العلامات التي تدل على إصابة الجسم بالمرض مثل فقدان الوزن، ضعف التركيز والشعور بالألم، وهذا ما تؤكده إحدى السيدات خلال زيارتها لعيادة الطبيب توبياس ماير، المتخصص في علاج الكلي في هامبورغ. فهذه السيدة قضت ثلاث أسابيع من العلاج بتقنية أيورفيدا في سيرلانكا تناولت خلالها مواد تم تحضيرها وفق وصفات الطب التقليدي في الهند. والنتيجة الآن هي تواجد بقايا الزئبق والزرنيخ والرصاص في الدم.
الإصابة بالمرض بدل التخلص من السموم
الطبيب ماير يجري اختبارات على حبات الأيورفيدا القادمة من أسيا التي يحملها معهم مجموعة من المرضى من سيريلانكا. وقد اكتشف الطبيب الألماني في بعض الحالات أن نسبة الزئبق في حبة واحدة يتجاوز بأكثر من مليونين الحد المسوح به طبيا.
هذا النوع من التسمم أصبح ينتشر بكثرة في جميع أنحاء ألمانيا في الأشهر الأخيرة. وهو ما يؤكده أيضا الدكتور سيدهارتا بوباست الذي عالج ستة مرضى مروا بنفس التجربة في سيريلانكا، حيث أظهرت اختبارات البول والدم التي أجريت عليهم مستويات عالية جدا من الزئبق والرصاص لدرجة أنهم لم يكونوا قادرين حتى الوقوف، قبل أن تتحسن حالتهم الصحية.
تاريخ الأيورفيدا
الأيورفيدا هي واحدة من أقدم المدارس المعروفة في الطب. ويرجع أصلها إلى الحقبة الفيدية في الهند، قبل آلاف السنين من عصرنا الحديث. ومنذ ذلك الحين بدأ تدوين التشخيص والوصفات الطبية والعلاج في أورواق النخيل. كما أن النصوص الكلاسيكية، التي لا تزال تعتمد عليها الأيورفيدا حتى الآن تعود للقرن الثامن قبل الميلاد.
واليوم أصبحت كيرالا الواقعة على سواحل مالابار جنوب الهند وسريلانكا معقل الأيورفيدا، حيث توجد هناك أكثر من ألف نبتة صالحة للاستخدام الطبي ومسجلة في بنك البيانات الخاص بالنباتات.
ما هو الفرق بين أيورفيدا والطب الحديث؟
تتكون كلمة "أيورفيدا" في اللغة السنسكريتية (إحدى أقدم اللغات) من كلمتي "أيوس" وتعني: حياة، و"فيدا" وتعني:علم أو معرفة. وقد تطورت هذه المعرفة الطبية التقليدية عبر أزمان متعاقبة وظلت حتى اليوم منظومة طبية مؤثرة في جنوب آسيا ولها علاقة وثيقة بفلسفة اليوغا، التي تنحدر أيضا من الحقبة الفيدية.
"بالنسبة للأيورفيدا فإن الصحة هي التي تأتي في المقام الأول وليس المرض" يقول كريستيان كيسلر، المشرف على الأبحاث في قسم العلاج الطبيعي في المستشفى الجامعي شارتيه ببرلين. ويضيف كيسلر في حواره مع DW "هذا هو الفرق الجوهري عن المناهج التقليدية الغربية التي تنطلق في الغالب من المرض".