أيمن نور المعارض "المعتدل" أم "المستأنس"؟
١ مارس ٢٠١٣في تحليل ظاهرة أيمن نور، يقول الباحث محمد نعيم، من الحزب المصري الديمقراطي الذي يشكل جزءا من جبهة الإنقاذ المعارضة، إن أيمن نور هو شخص حركي جداً، وهو متحرر أيديولوجيا تماماً منذ وقت مبكر وكان يريد أن يرث مكانة حزب الوفد أيام مبارك، وبحكم تورطه الحركي في السياسة فقد كان يفهم مدى ضعف نظام مبارك، ومدى سهولة تحديه، على خلاف من لم يكونوا متورطين في السياسة بشكل حرفي. وبالتالي فقد تعامل بجدية مع موضوع ترشحه للرئاسة، وأقام حملة جادة للدرجة التي أغضبت منه النظام فعلاً.
أما بعد الثورة، كما يضيف نعيم، أن إدراكه لطبيعة مكونات السلطة في مصر، على الوصول لقناعة أن الإخوان لابد أن يحكموا البلد برضا حقيقي ودعم جاد من الأمريكيين، وأنه لابد من وجود عناصر ملطفة داخل سدة الحكم. لم يكن لديه مانع من لعب هذا الدور، وبالتالي فلم يأخذ موقفاً واحداً بعد الثورة يمكن له أن يغضب الإخوان، شارك بحزبه في قائمة "التحالف الديمقراطي" في انتخابات مجلس الشعب السابقة ، وهي القائمة التي كان أبرز الأحزاب المشاركة فيها حزب الحرية والعدالة، وأخذ عدداً من الكراسي لم يكن ممكناً له أن يأخذه لو دخل الانتخابات بمعزل عن الحرية والعدالة. حسبته ببساطة هي ألا يفارق الإخوان وأن يلعب دور المعارض "المستأنس" لحين تأسيس النظام السياسي الذي سيسمح به الإخوان. ويختتم نعيم قائلاً: "أعتقد أنه يلعب لمصلحته الشخصية الضيقة فحسب. قبل عام 2005 كان قد استطاع استيعاب المزاج المعادي للنظام بين الشباب الذين بدأ بهم حملته، ولكن لايمكن القول إن هذا شكّل مشروعاً جاداً للتغيير".
محاولة الاندماج في الثورة
يبدأ المحلل السياسي عمار علي حسن قصة أيمن نور من يوم اندلاع ثورة 25 يناير، وهو اليوم الذي أقام فيه منصة في ميدان التحرير بعنوان "البرلمان الشعبي"، فما كان من الثوار إلا أن طردوه تحت شعار "لا إخوان ولا أحزاب، ثورتنا ثورة شباب"، وكان هذا، كما يقول علي حسنل لـDW هو بداية شعوره بالمرارة وبألا مكان له في الثورة: "حاول نور بعد ذلك التواصل مع التيار الشعبي الذي يتزعمه حمدين صباحي ولكنه كان بمثابة ورقة محروقة بالنسبة لكل القيادات المدنية، فتم نبذه. أعتقد أنه كان من الممكن استيعابه بشكل أفضل في المعارضة".
ولكن نور من جانبه، كما يضيف علي حسن، وبفضل كونه شخصاً شديد المرونة والبراجماتية، لجأ للمعسكر الآخر في محاولة للبحث عن أي موقع له داخل السلطة الجديدة، لا سيما وأن القضية التي اتهمه بها نظام مبارك، وهي تزوير توكيلات حزب الغد، لم تسقط عنه ولا تزال تطارده، ويضاف لهذا شعوره بالمرارة من كون الثورة والانتخابات الرئاسية، قد أفرزتا قيادات جديدة، مثل صباحي وأبو الفتوح ومحمد البرادعي. وهكذا بدأ محاولة تقديم نفسه في صورة المعارض المعتدل، لكنه يفعل هذا وهو في كنف السلطة، وهو يبدو للناس كورقة يوظفها الإخوان أكثر من كونه معارضاً مستقلاً".
ولكن ماذا عن أيمن نور القديم الذي تحدى مبارك. يرى علي حسن إن علاقة أيمن نور بالحزب الوطني كانت قوية، لدرجة أن الحزب الوطني ساعده في إحدى الانتخابات على النجاح في دائرة باب الشعرية، وعندما بدأ في تحدي مبارك بدأ أعضاء الحزب يصفونه بـ"ابننا العاق": "حتى عندما ترشح للانتخابات أمام مبارك في 2005، كان هناك آخرون قد سبقوه في تحدي مبارك، مثل سعد الدين إبراهيم ونوال السعداوي، بالإضافة إنه فعل هذا مستفيداً من تغيير المادة 67 في الدستور والتي أتاحت الانتخاب الحر المباشر، على خلاف من سبقوه".
معارضة النظام
محمد محي الدين، القيادي بحزب غد الثورة الذي أسسه أيمن نور، يرى الصورة من موقع آخر. يتحدث للـDW عن توجهات الحزب: "التوجه السياسي للحزب هو توجه ليبرالي ونؤمن أن الليبرالية لا يمكنها أن تتعارض مع الإسلام وإنما هي جزء من الإسلام، وبالتالي فنحن لا نعارض التوجه الإسلامي للدولة. نؤمن بالليبرالية ولكننا لسنا علمانيين. وأعتقد أننا نجحنا في تسويق فكرة أن الليبرالية لا تتنافى مع الدين".
الدور الحقيقي للحزب ظهر في اللجنة التأسيسية للدستور، كما يضيف محي الدين، حيث لعب هو وأيمن نور دوراً كبيراً من أجل الوصول للتوافق والتوفيق بين الأحزاب المختلفة وتقريب وجهات النظر: "وبالتالي فعندما يراد القيام بدور لم الشمل بين القوى الوطنية يتم اللجوء لحزبنا. الحزب يقوم بدور الوسيط النزيه. يعارض السلطة ولكنه لا يعاديها، يعارضها مع الإيمان بشرعيتها الآتية من الانتخابات"
بالإضافة لهذا، يعي محي الدين الانتقادات الموجهة للحزب ولدور أيمن نور. يقول: "البعض بالتأكيد يقولون أننا نمارس السياسة في معية الإخوان، ولكنني أرى أن هذه سطحية شديدة لأن أيمن نور عرضت عليه مناصب كثيرة ورفضها. كما انتقد الكثيرون مشاركتنا في الحوار الوطني. وخاصة من أبناء جلدتنا من التيار المدني والليبرالي، وهنا نذكر الناس بأنه ما أسهل أن تعارض، ولكن الصعب هو أن تتخذ الموقف الصحيح في الوقت الصحيح، وبالتالي فقد كنا في مواجهة النظام في الوقت الذي كان فيه الملايين لا يجرأون على التلفظ باسم مبارك، وعندما احتاج الوطن إلى الحوار فقد كنا نحن من نقوم بهذا الدور". واختتم قائلا: "أعتقد أن موقف الحزب الحالي قد أكسبه الكثير من القواعد الشعبية ولكن أفقده في نفس الوقت كثيراً من النخبة. ونحن نؤمن أن المواطن العادي أكثر تأثيراً وأهمية من النخبة. "