أوروبا ومعضلة الهجرة عبر المتوسط - هل من سبيل لوقف المأساة؟
١٤ مايو ٢٠١٧ما تزال الأخبار تتوالى عن حالات غرق في البحر المتوسط، ومن ضمن الأخبار التي لا تريد أن تمحى من نشرات الأخبار لجوء عائلات من سوريا ونيجيريا وغينيا وبنغلاديش بشكل متكرر للمهربين من أجل السفر عبر ليبيا إلى أوروبا في قوارب مزدحمة ما يتسبب بحالات غرق متكررة.
حوالي 41 ألف لاجئ وصلوا هذا العام إلى إيطاليا وذلك حسب بيانات المنظمة الدولية للهجرة (IOM)وهو زيادة تصل إلى عشرة آلاف مقارنة بالعام الماضي. أكثر من ألف لاجئ غرقوا هذا العام، وكان من الممكن أن تكون الأعداد أكبر لولا مساعدة المتطوعين وخفر السواحل الإيطالية التي تقدم مساعدات يومية.
"إلا أن الإتحاد الأوروبي لا يستطيع أن ينهي هذه الدراما بشكل نهائي خاصة أن إغلاق الحدود التركية، يجبر الناس على اللجوء إلى المهربين"، كما تقول باربرا لوخبيلر المتحدث باسم السياسة الخارجية وحقوق الإنسان عن حزب الخضر في البرلمان الأوروبي.
بالنسبة للاجئين القادمين عبر تركيا إلى الجزر اليونانية وجد الاتحاد الأوروبي حلا مفترضا العام الماضي، وهو الصفقة مع تركيا، اذ تلتزم أنقرة بموجبها بحماية الحدود واتخاذ إجراءات ضد المهربين، وفي المقابل فإن الاتحاد الأوروبي يلتزم بتقديم ستة مليارات يورو من أجل المساعدة في تحمل نفقات اللاجئين.
وبعد هذا الاتفاق مع تركيا تريد بروكسل تطبيق اتفاق مماثل مع الدول المغاربية، وبالأخص مع ليبيا، لأنه وكما أوجز وزير الخارجية النمساوي فوفغانع سابوتكا في وقت سابق فإن "إنقاذ اللاجئين في البحر لا يعني تذكرة للوصول إلى أوروبا، وهو ما يعني العمل على منع المهاجرين في التفكير في الوصول إلى أوروبا عبر المتوسط ".
تعاون صعب
من أجل تحكم أفضل بتدفق اللاجئين من ليبيا وضع الإتحاد الأوروبي خطة من عشر نقاط في فبراير/ شباط الماضي بحسب منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، ومن جملة ما تم الاتفاق عليه تحسين عمل خفر السواحل الليبي وتدريبهم، ووضع اللاجئين في مراكز استقبال مناسبة.
وبالتالي، ينبغي الانتهاء من البرنامج التدريبي في عام 2017. وحتى ذلك الحين يجب على الليبيين السيطرة بشكل أفضل على مياههم الإقليمية، ولقد تم بالفعل تدريب 100 عنصر من حرس السواحل الليبيين، كما سيتم توفير قوارب إنقاذ ومعدات أخرى لمكافحة المهربين. إلا أن وزيرة الدفاع الألمانية أوسورا فون دير لاين تصف الأمر بـ "غير واقعي" في الوقت الراهن، كما أن الإتحاد الأوروبي ما يزال منقسما حول طبيعة الأسلحة والتجهيزات الواجب إرسالها إلى ليبيا.
الوضع السياسي صعب للغاية في ليبيا، ليس فقط بسبب وجود ثلاث حكومات متنافسة في البلاد، بل أيضا بسبب وجود أمراء الحرب والعديد من المليشيات والجماعات الإرهابية التي تسيطر على معظم أنحاء البلاد.
وبالرغم من المحاولات العديدة التي بذلها الإتحاد الأوروبي من أجل مساعدة الحكومة الليبية، وجعلها فعالة وقادرة على العمل ، "إلا أن الطريق مازال في بدايته" بحسب باربرا لوخبيلر، إذ أن إقامة مراكز استقبال آمنة للاجئين في ليبيا أمر ما يزال بعيدا عن الواقع، بحسب رأيها.
وتقول السياسية الألمانية ما يجب فعله بدلا من ذلك هو "مكافحة أسباب الهجرة، يجب إقامة محادثات سلام في سوريا برعاية الأمم المتحدة، ودعم الدول المحيطة بسوريا مثل لبنان والأردن، الذين استقبلوا لاجئين بأعداد كبيرة، بحيث يتمكن اللاجئون هناك من إرسال أطفالهم للمدارس، ودخول سوق العمل والحصول على رعاية صحية، وإقامة مناسبة في مخيمات اللجوء".
طرق قانونية
وتقول لوخبيلر: "يجب أن تتوفر أيضا فرص هجرة قانونية إلى أوروبا دون الحاجة إلى مخاطرة اللاجئين والمهاجرين بحياتهم في البحر". وبحسب السياسية الألمانية فإن هذه المشاريع موجودة بالفعل على أرض الواقع، إذ أنه نظريا من الممكن استقبال 20 ألف لاجئ سنويا من قبل دول أوروبا، غير أنه بالنظر إلى أعداد اللاجئين المتزايدة على المستوى العالمي والذي يصل إلى 45 مليونا بحسب بيانات المنظمة الدولية للهجرة، فإن هذه الأعداد تعتبر "نقطة في بحر" بحسب رأي لوخبيلر، كما أن هذه المشاريع تفتقد للحماسة داخل دول الاتحاد، ما يعني أن فرص المصادقة عليها في البرلمان ضئيلة.
هناك نقص في الإرادة السياسية الأوروبية، الأمر الذي يمنح وقتا إضافيا للمهربين لمواصلة نشاطهم عبر المتوسط، خاصة بين ليبيا وإيطاليا، وبدون أي حلول أوروبية على أرض الواقع فإن اللاجئين سيواصلون الغرق أمام السواحل الأوروبية.
نينا نيبرغال/ علاء جمعة