أوروبا تحتاج إلى تطوير إستراتيجية شاملة لحماية مصالحها في الخليج العربي
٨ مايو ٢٠٠٧تحتضن العاصمة السعودية الرياض اليوم، الثلاثاء 8 آيار/مايو 2007، اللقاء السابع عشر لوزراء وممثلي الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، فيما تحظى كيفية التفاهم على صيغة لاتفاقية تحرير التجارة بين هاتين الكتلتين الاقتصاديتين بجل اهتمام المشاركين في هذا الاجتماع.
فلقد أظهرت الجولة الأخيرة للمستشارة الألمانية في منطقة الخليج، وهى المنطقة التي تشهد منذ عقود انتعاشاَ اقتصادياً مستديماً، الرغبة السياسية لكلا الجانبين في تحريك محادثات اتفاقية التجارة الحرة المتعثرة منذ عدة أشهر بين الاتحاد الأوروبي ودول المجلس، وذلك بعد أن أدت الاتهامات الأوروبية لدول مجلس التعاون الخليجي بعدم رغبتها في فتح قطاعات المال والمقاولات على نحو كافي أمام الاستثمارات الأوروبية إلى تعليق محادث تحرير التجارة بينهما. أما الآن وبعد أن تجاوز الجانين خلافاتهما في الرأي من الممكن أن تصبح اتفاقية تحرير التجارة سارية المفعول اعتباراً من شهر كانون الثاني/يناير 2008.
الاتحاد الأوروبي كقدوة
يضم مجلس التعاون الخليجي ست دول عربية هي الكويت والبحرين والمملكة العربية السعودية وقطر ودولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، وجاء تأسيسه عام 1981 كرد فعل على رغبة إيران المعلنة آنذاك في تصدير ثورتها الإسلامية إلى الدول المجاورة. ويضع المجلس نصب عينيه تحسين وتعزيز التعاون في الشئون المتعلقة بالسياسة الأمنية والخارجية، بالإضافة إلى دعم التعاون الاقتصادي بين دوله الأعضاء.
وفي هذه الأثناء تسعى دول مجلس التعاون الخليجي إلي توحيد عملتها مقتدية في ذلك بالتجربة الأوروبية، التي تمخضت عن إنشاء منطقة اليورو. وفي حالة إنجاز هذا المشروع في المستقبل المنظور، فإنه قد يكون له آثاراً إيجابية للغاية على فرص أوروبا في ترويج منتجاتها في دول المجلس.
لمنطقة الخليج أهمية قصوى
لا غرو أن التبعية الأوروبية الشديدة في مجالي الاقتصاد والطاقة هي أهم ركائز علاقات الاتحاد الأوروبي بمجلس التعاون الخليجي. فالإتحاد الأوروبي يعتمد بصورة كبيرة على إمدادات الطاقة القادمة من دول المجلس، كما أن لهذه الدول ثقل كبير كسوق رائج وهام للصادرات الأوروبية. ففي عام 2004 بلغت قيمة صادرات الاتحاد الأوربي إلى دول المجلس 40 مليار يورو، أما قيمة واردات الاتحاد الأوروبي من هذه المنطقة فبلغت 25 مليار يورو، إضافة إلى ذلك يعتبر الاتحاد الأوروبي من كبار المستثمرين في دول مجلس التعاون الخليجي.
افتقاد استراتيجية أوروبية شاملة
تبدو اتفاقية تحرير التجارة التي يدور النقاش حولها حالياً بمثابة القاعدة، التي يمكن عن طريق تعزيز العلاقات السياسية بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي. فبجانب العلاقات الاقتصادية والتجارية يتطلع الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز التعاون مع دول المجلس في مجالات تأمين الطاقة والحفاظ على البيئة والثقافة والتعليم ومكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى المجالات السياسية، لاسيما السياسة الأمنية.
ومن البديهي أن تعد اتفاقية تحرير التجارة بمثابة خطوة هامة وبعيدة المدى على طريق العلاقات الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي، لأن التوقيع على هذه الاتفاقية سيكون من شأنه مضاعفة حجم التبادل التجاري للجانبين في وقت قصير. لكن على المرء ألا يغفل حقيقة افتقاد الاتحاد الأوروبي لاستراتيجية شاملة ومدروسة بعناية تجاه هذه المنطقة فائقة الأهمية من الناحية الجيوستراتيجية. وإذا أراد الأوروبيون تقوية مركزهم في الخليج فعليهم أن يتفقوا على استراتيجية محددة المعالم تجاه هذه المنطقة الحيوية من العالم، لاسيما وأن دول مجلس التعاون الخليجي تتطلع إلى تعزيز الجهود الأوروبية لضمان الاستقرار في المنطقة وأن أنظارها تتجه حالياً بصورة متزايدة صوب آسيا.