" أمام العراق طريق طويل قبل الوصول إلى شواطئ الاستقرار"
٢٧ يوليو ٢٠٠٩بعد أن أتمّت القوات الأمريكية انسحابها من المدن والقضوات العراقية في الثلاثين من حزيران يونيو الماضي، بدأت تساؤلات من نوع آخر تدور على ألسن مراقبي الشأن العراقي، تساؤلات غذّاها تصاعد ملفت للنظر في وتيرة أعمال العنف والهجمات بالقنابل. هذه التساؤلات في مجملها تدور في وضع القوات الأمريكية بعد الانسحاب ومدى التزامها الآن بحدود ثكناتها، وفي مدى استعداد العراقيين أنفسهم للاستغناء عن دعم هذه القوات.
في هذا السياق، تحدث نجيب الصاحي الأمين العام لحركة الضباط والمدنيين الأحرار( وهي منظمة غير نفعية وغير حكومية مقرها بغداد ) إلى دويتشه فيله، مشيرا إلى أن القوات الأمريكية قد انسحبت فعلا من المدن وهي الآن داخل ثكناتها. لكنه أشار أيضا إلى أن اختيار معسكرات هذه القوات قد تم بشكل يتيح لهذه القوات التدخل بشكل سريع وحاسم عند طلب الحكومة العراقية ذلك. وأردف الصالحي قائلا أنه لا يتوقع قيام عمل عسكري كبير ضد الحكومة العراقية بما يشكل تهديدا جديا لها يتطلب الاستعانة بالقوات الأمريكية.
وكان قائد القوات العراقية في بغداد عبود قنبر قد أعلن الأسبوع الماضي أنه أبلغ القوات المقاتلة الأمريكية التي انسحبت إلى قواعد على مشارف بغداد بوجوب عدم القيام بأي دوريات حراسة في المدينة. مشيرا إلى انه حتى الآن لم يطلب من هذه القوات أي مساعدة، معتبرا ذلك مؤشرا على نجاح قوات الأمن العراقية. وكشف الفريق قنبر أن عدد الأمريكيين داخل بغداد صغير جدا ويقدر بالمئات وهم جميعا من القوات غير المقاتلة.
"ترقيع" العملية السياسية
من جانبه أشار الكاتب والباحث العراقي فاضل الربيعي، في مقابلة مع دويتشه فيله، إلى أن العراق يتجه في مرحلة ما بعد الانسحاب إلى "ترقيع العملية السياسية وليس إصلاحها جذريا" وذلك من خال إشراك أطراف سياسية أخرى في العملية السياسية. وأردف الربيعي قائلا إن محاولات "الترقيع" هذه تأتي أيضا من أطراف خارجية إقليمية ودولية. ومن ضمن ذلك ـ في رأي الباحث العراقي ـ الضغط على الحكومة العراقية للقبول في تشكيلاتها بما أسماها الناطق الرسمي للحكومة العراقية بـ"عناصر إرهابية"، في إشارة إلى عناصر حزب البعث. وأعرب الربيعي عن اعتقاده أن منطقة الانبار، غرب العراق، سوف تشهد خلال الأشهر القادمة تفجرا في الأوضاع وقد يكون هذا مقدمة لتفجير الوضع السياسي برمته.
"كل الاحتمالات ممكنة"
وكان الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط ميشائيل لودرز قد خص دويتشه فيله بلقاء في وقت سابق أشار فيه إلى أن برلين والإتحاد الأوروبي لا يريدان أن يصل العراق إلى وضع فوضوي يختل فيه التوازن السياسي بين القوى الفاعلة، خاصة وان هناك توتر مستمر بين الكرد في الشمال والحكومة المركزية في بغداد، وهذا يبعث مخاوف من انزلاق العراق إلى حروب لا تدرك نهايتها في ظل ضعف الحكومة المركزية. ولفت لودرز إلى أن هذا البلد مفتوح على كل الاحتمالات الآن، مشيرا إدراك الجميع لعمق العلاقة بين العراق الجديد وإيران، وأثر على الوضع.
وأعتبر لودرز أنّ الانسحاب هو خطوة ايجابية على طريق الحرية وقد جاء استجابة لمطالب العراقيين، لكن تردي الوضع الأمني يضع العراقيين على طريق طويل قبل الوصول إلى شواطئ الاستقرار.
الكاتب: ملهم الملائكة
مراجعة: عبده جميل المخلافي