ألمانيا - سن الشباب بعد الخمسين
١٥ أكتوبر ٢٠١٧في الوقت الذي ترى فيه غالبية الناس في العالم العربي أن دخول العقد السادس من العمر يعني بداية عمر الشيخوخة، يقول الألمان أن "الحياة تبدأ في سن الستين". وهكذا فإن زائر النوادي الرياضية في ألمانيا يتفاجئ بأنها تعج بمن هم فوق سن الخمسين. أناس اختاروا منافسة الشباب على ممارسة الرياضة والرقص دون مركب نقص كما هي حال ايزابيلا التي تبلغ 55 عاماً. في حديث مع DW عربية تقول ايزابيلا أن كل شيء تغير في حياتها بعد أن أنجبت أبنتها الوحيدة إذ أصبح يومها يسير بشكل روتيني وطغى البرود حتى على علاقتها مع شريك حياتها. غير أن ذلك اختلف بعد أن تأثرت بأشخاص في سنها أو أكبر عمرا منها يمارسون هوايات متعددة. وهكذا قررت مزاولة الرياضة في سن الثامنة والأربعين إذ بدأت بالجري وشاركت في سباقات الماراتون خلال السنوات الثلاث الأخيرة كما تقول وتضيف "أشعر الأن بأنني أكثر نشاطاً وحيويةً، كما استرجعت علاقتي مع زوجي دفئها وحيوتها".
"الرقص حياة"
تتوفر لكبار السن الكثير في ألمانيا الكثير من السبل للاستمتاع بالحياة وممارسة مختلف الأنشطة الرياضية والثقافية والفكرية والتعليمية. ويأتي الرقص على رأس القائمة، لاسيما وأن الكثيرين أمثال ماري (59 سنة) ينظرون له كجزء من زادهم اليومي. "الرقص بالنسبة لي حياة، فهو يمدني بطاقة إيجابية تجعلني أقبل عليها بكل همة ونشاط "، تقول ماري التي تبدو كشابه مفعمة بالحيوية. وضع يدفعنا للتساؤل عن سر هذه الروح المفعمة بالشباب في ألمانيا لدى كبار السن مقارنةً بأقرانهم في المجتمعات العربية. خبراء علم الاجتماع يرون في غالبيتهم بأن الأمر مرتبط بالحياة الأسرية.
ففي الوقت الذي تعيش فيه الأسر العربية مجتمعة تحت سقف واحد يضم الجد إلى جانب الأبن والحفيد، نجد أن أفراد الأسر في ألمانيا والمجتمعات الغربية الأخرى يعيشون متباعدين عن بعضهم. هذا التطور فرض على كبار السن في هذه المجتمعات اللجوء إلى ممارسة هواياتهم المفضلة لتعويض الشعور بالعزلة بحسب ماري."بعد تقاعدي بدأت أشعر بملل الوحدة خاصة وأن ابنتاي تعيشان في ولايات بعيدة ولا نلتقي إلا في أعياد الميلاد، تقول ماري مضيفة: "كنت أعيش حياة فارغة مملة لا معنى لها حتى تعرفت على صديقة تمضي وقت فراغها بممارسة الرقص، أعجبتني الفكرة وبدأت الإشتراك في دورات الرقص معها وبدأ الشباب يدب إلى روحي من جديد".
عوائق مجتمعية
غير أن أبو طارق (62 عاما) لايرى بأن الأمر مرتبط فقط بحال العائلة، بل أيضا بأسباب أخرى مثل مستوى الدخل. "الرفاهية في المجتمعات الغربية تسمح للأشخاص بممارسة أنشطة تبدو ثانوية وغير مهمة بالنسبة للأشخاص في العالم العربي". غير أن المشكلة الأكبر حسب أبو طارق تكمن في "القيود الدينية والإجتماعية التي يفرضها المجتمع و التي ترى مثلا أن الغناء والرقص من المحرمات من جهة، وهي من جهة أخرى تفقد المرء هيبته ووقاره".
اللياقة والحب
أسلوب الحياة الصحية الذي تعتمده غالبية كبار السن في ألمانيا وأوروبا يجلب فوائد كثيرة لاتقتصر على اللياقة البدنية وتجنب الكثير من الأمراض وتوفير زيارة الطبيب وتكاليف الأدوية. فحسب دراسة أجرتها جامعة لايبزيغ الألمانية تبين بأن هذا الأسلوب يؤدي إلى تحسن النشاط الجنسي عند كبار السن بشكل ملحوظ. ويشمل هذا التحسن النساء ما بين 60 و 70 عاما بنسبة 42 بالمائة ، في حين تصل هذه النسبة عند الرجال في نفس العمر إلى 62 بالمئة. بدورها تقول الباحثة الألمانية مارلين هينغ بأن أسباب إرتفاع نسبة النشاط الجنسي عند كبار السن يعود إلى حفاظهم المستمر على نشاطهم الجسماني.
طرفة الفضلي