ألمانيا تساعد ليبيا على السيطرة على جميع الأسلحة في البلاد
٢٩ مايو ٢٠١٣رغم مرور سنتين على الثورة في ليبيا، لا يزال يجول في البلاد الرجال المسلحون الذين يرتدون بدلات شبه عسكرية، كما تنتشر في كل مكان الشاحنات الصغيرة المدنية المجهزة بالمدافع. أمر يدل بشكل واضح على أن السلطة في ليبيا، بما فيها الرقابة على الأسلحة، لا تزال في أيد كثيرة.
ولا يعرف أحد عدد البنادق والمدافع والصواريخ والألغام المتوفرة فعليا في عموم البلاد. إلا أن ما هو معروف، هو أن إسقاط الدكتاتور معمر القذافي أدى إلى زيادة كمية الأسلحة الخارجة عن الرقابة الحكومية. وتم تهريب بنادق ومدافع كثيرة والذخائر الضرورية لها عن طرق سرية وتسليم هذه الأسلحة إلى إسلاميين متشددين في الجزائر ومتمردين في مالي وثوار في سوريا. ورغم ذلك لا تزال ترسانات القذافي القديمة تعج بأنواع مختلفة من الأسلحة الفتاكة.
وتدعم وزارة الخارجية الألمانية العديد من المشاريع الليبية الرامية إلى منع وصول المزيد من الأسلحة إلى أيد غير مناسبة، وذلك عن طريق تقديم الأموال والتكنولوجيات والتجهيزات من ألمانيا، إذ من المقرر أن تتولى الحكومة الليبية الجديدة الرقابة على جميع ترسانات الأسلحة والذخائر.
"نحاول تقديم الدعم إلى ليبيا في الفترة بعد النزاع ومنع وصول المزيد من الأسلحة إلى الدول المجاورة"، كما قال مفوض الحكومة الألمانية لشؤون نزع السلاح، رولف نيكل، في حديث مع DW. ولذلك كان قد توجه في ربيع عام 2011 إلى ليبيا لإجراء المحادثات هناك. ودارت هذه المحادثات حول الأسلحة الصغيرة أيضا. وأشار نيكل إلى أن ألمانيا ساهمت ماليا في تأسيس سلطة ليبية خاصة بالرقابة على هذه الأسلحة.
وتخصص وزارة الخارجية الألمانية أيضا أموالا لمنظمات خيرية متخصصة في إزالة الأسلحة والذخائر. وإحدى هذه المنظمات، هي مؤسسة سانت بربرا، التي تزيل في ليبيا الألغام والذخائر المنسية والقنابل التي لم تنفجر، بما فيها القنابل التي استخدمت في غارات حلف شمال الأطلسي على القوات المؤيدة للقذافي.
ويعتبر رئيس مؤسسة سانت بربرا، كلاوس كولر، أن مستودعات الأسلحة الكثيرة في ليبيا مثيرة للقلق. "أعتقد أن عدد المستودعات المعروفة يبلغ 440 مستودعا تقريبا"، كما قال. وأضاف أنه تتوفر في أحدها 3000 صاروخ تقدَََر مداها ما بين 70 و230 كيلومترا. وأشار كولر إلى أن مثل هذه الأسلحة تباع لدول أجنبية أيضا مثل سوريا. وأضاف قائلا: "لا أعتقد أنه يوجد في ليبيا أحد يخصص أموالا لإزالة شيء يمكن أن يشكل في الخارج مصدرا ماليا كبيرا".
ميليشيات قوية تضعف حكومة ليبيا
يعتبر الصحفي الليبي عصام زبير أن تهريب الأسلحة يشكل مشكلة صعبة بالنسبة لحكومة بلاده، مشيرا إلى أن ميليشيات قوية وأسلحة مجانية لا تدفع أحدا إلى الاستثمار. وهذا من جانبه يعرقل بناء ليبيا. ورغم ذلك لا يوجد حتى الآن برنامج حكومي لمواجهة هذه المشكلة. "لم تحاول الحكومة جمع الأسلحة على الإطلاق، وحتى ولو كان ذلك مقابل دفع تعويضات مالية"، كما قال عصام زبير، وهو مراسل ل DWأيضا.
الخوف من صواريخ أرض ـ جو
لا تشكل بعض الأسلحة المتوفرة في ليبيا تهديدا داخل البلاد فقط، وإنما خارجها أيضا. وتعد منها الصواريخ أرض ـ جو. وكما قال رولف نيكل، فإن "هذه الصواريخ تهدد الطيران المدني. ومن الضروري إزالتها". وأكد مفوض الحكومة الألمانية لشؤون نزع السلاح أن وزارة الخارجية الألمانية ساهمت بالتعاون مع السلطات الليبية المختصة في البحث عن الإمكانيات المتاحة للرقابة على هذه الأسلحة.
وأشار الصحفي عاصم زبير إلى أن "سكان ليبيا لا يعرفون شيء حول الالتزام الألماني من أجل الرقابة على الأسلحة". ولذلك يؤيد تكثيف العمل الإعلامي بهذا الشأن. وأضاف زبير قائلا: "من الضروري أن يتضح أن هناك خبراء من ألمانيا يدعمون الشعب الليبي في تأمين تسليم الأسلحة وإزالة الألغام".
"تحويل السيوف إلى محاريث"
يريد رئيس مؤسسة سانت بربرا، كلاوس كولر، تقديم الدعم في ذلك عن طريق تخصيص أموال لأجل طويل لتنفيذ مشاريع تستهدف تحويل السيوف الحربية إلى آلات سلمية"، كما يقال بالألمانية. وأشار كولر إلى أن هناك مستودعا تتوفر فيه خمسة ملايين لغم مضاد للأشخاص تقريبا تحتوي على 2200 طن من المواد الناسفة. وأضاف قائلا: "كان من المقرر تفجيرها، رغم أن ذلك يتسبب في أضرار بيئية كبيرة حتى في بلاد تتوفر فيها صحارى شاسعة". ولذلك يقترح كولر بدلا من ذلك إعادة تصنيع مثل هذه المواد الناسفة. "يمكن تحويل هذه المواد الناسفة إلى مواد ناسفة أخرى صالحة للاستخدام في صناعة النفط أو في بناء الطرق"، كما قال.