ألمانيا تتولى مهمة قيادة القوات الدولية بشمال أفغانستان
١ يونيو ٢٠٠٦تتسلم القوات الألمانية مساء اليوم، 1 يونيو/حزيران 2006، قيادة القوة المعاونة الأمنية الدولية في شمال أفغانستان، في ظل وضع أمني متوتر، وصفه وزير الدفاع الألماني فرانس يوزيف يونج بالخطير. وقال الوزير في لقاء تلفزيوني: "هناك اعتداءات فردية غادرة تقوم بها جماعة طالبان المتشددة، وهو وضع يصيب بالقلق". لكنه أضاف أنه ليس هناك خيار آخر. وبينما كانت هجمات ناشطي طالبان الذين يقاتلون لإخراج القوات الأجنبية والإطاحة بحكومة كابول التي يدعمها الغرب، تتركز أساساً في جنوب وشرق البلاد، تشير الهجمات، التي وقعت في الأشهر القليلة الماضية خارج هذه المناطق إلى أن طالبان وسعت نطاق تحركاتها. وهذا ما دفع رابطة الجيش الاتحادي الألماني، إلى الإعلان عن انتقادها لتكليف القوات الألمانية بالعمل في أفغانستان نظراً للاضطرابات الضخمة هناك. وبالرغم من أن الوضع الأمني في جنوب وشرق البلاد أخطر منه في الشمال، فإن حفظ الأمن في الشمال لا يخلو من المخاطر. لكن يونج يرى أن دور الجيش الألماني مفيد ولا غنى عنه.
أما رئيس رابطة الجيش الاتحادي برنارد جيرتز فقد قال في حديث لجريدة "ليبتسيجر فولكستسايتونج": "تكليف القوات بالعمل في أفغانستان ليس مبني على خطة مقنعة، وتقسيم المهام بين الدول لا يسير بشكل سليم". ويرى جيرتز أن الهدف في تحسين أحوال المعيشة في البلاد قد فشل، فالسياسة لا تقوم بدورها، بينما يتعرض الجنود لأخطار مستمرة ومتزايدة. أما خبير الشئون الخارجية لحزب الديمقراطيين الأحرار فيرنر هوير فيرى أن على الناتو أن يختار بين إرسال حشود كبيرة من القوات إلى أفغانستان أو الانسحاب منها، حيث أن مبدأ مجموعات القوات التي تعمل على دعم التنمية في البلاد قد أثبت فشله.
موجة عنف شديدة تجتاح البلاد
وتشهد أفغانستان أسوأ موجة عنف منذ أن أطاحت القوات الأمريكية وقوات المعارضة الأفغانية بحكم طالبان في أواخر عام 2001 بعد أن رفضت الحركة تسليم أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة. واعتبر الجيش الأمريكي أن جنوده قد استخدموا أسلحتهم للدفاع عن أنفسهم إثر الحادث، الذي تسبب بتظاهرات عنيفة، من دون أن يقر بأن هؤلاء الجنود فتحوا النار على الحشد المدني. وفوجئ الجنود الأميركيون بعدما تسببوا بحادث سير في مكان مكتظ بالضاحية الشمالية لكابول بحشد غاضب يهاجمهم فيما كانوا يحاولون إسعاف الجرحى. وروى الكولونيل الأميركي توم كولنز المتحدث باسم قوات التحالف خلال مؤتمر صحفي في كابول أن الشرطة الأفغانية انضمت إلى القافلة الأولى وكذلك فعلت مجموعة ثانية من الجنود الأميركيين، لإخراجها من المكان. وفي تلك اللحظة بدأ بين 300 و500 شخص في إظهار المزيد من العداء، على حد قوله، من خلال رشق الجنود بالحجارة. وأكد كولنز أن "جنوداً من الائتلاف استخدموا فعلا أسلحتهم في وضع الدفاع المشروع عن النفس". وأوضح كولنز أن " الجنود الأميركيين لم يصابوا بجروح في الحادث أو أعمال الشغب التي تلته، لكن هذا لا يعني أنهم لم يكونوا في خطر أكيد". مشدداً على أن رجاله مدربون جيداً وقادرون على التصرف. غير أن المتحدث نفى أن يكون الجنود أطلقوا النار مباشرة على الحشد الغاضب، الأمر الذي رواه العديد من الشهود. ويبقى عدد الضحايا والقتلى غير مؤكد. وبينما أعلنت وزارة الصحة عن وجود 20 قتيل و160 مصاب، أعلن وزير الداخلية عن وجود 7 ضحايا فقط.
منظمات الإغاثة في خطر
لكن الكولونيل لفت أيضا النظر إلى وجود "محرضين" في صفوف الحشد وأضاف "لا أدري من هم". وعند سؤاله عن كيفية معرفته بوجود "محرضين" أجاب "لأننا شاهدنا أناسا في الحشد يديرون الأمور بوضوح". وكلمة "محرضين" استخدمها مساء الاثنين الرئيس الافغاني حميد كرزاي، حين ندد بأعمال الشغب ضد الجنود الأميركيين والأجانب في وسط العاصمة. وكذلك أعلن الرئيس الأفغاني عن تنديده بمقتل ثلاثة عاملات في منظمة "أكشن إيد" للإغاثة مع سائقهن في شمال البلاد قائلاً: "إنه تصرف غير آدمي من أعداء أفغانستان، أن يقتلوا أناساً أبرياء، يعملون لمصلحة الشعب الأفغاني". بعد هذا الحادث قررت منظمة الإغاثة العالمية "ميديكا" أن تنهي عملها مبكراً، بعد أربع سنوات من العمل في كابول لأن الوضع خطر جداً على العاملين بها كما أعلنت المنظمة في مدينة كولونيا. وعن الوضع في شمال أفغانستان يقول كورت رودلف من منظمة Welthungerhilfe الألمانية في حديث مع دويتشه فيله: "الوضع يعتبر آمناً في الشمال. إنني أعمل هنا منذ أكثر من عامين، وحتى الآن كان هناك هدوء تام، ولا يوجد خطر". لكن رودلف يرى أن الوضع يزداد سوءاً وأن الأحداث الأخيرة تفقد الشمال هدوءه النسبي. وعن نظرة الأفغان لتكليف الجنود الألمان بالعمل في شمال أفغانستان يقول كورت: "في القرى، تلاقي القوات الأجنبية ترحيباً بصفة عامة حتى الآن. لكن القوات تعتمد بشكل أكبر على السيارات المدنية بيضاء اللون في تحركاتها، وهذا الأمر يسبب خطراً بالنسبة لنا، لأن هذه السيارات كانت مقتصرة على منظمات الإغاثة". كورت ينتقد هذا الأمر بشدة إذ أنه يهدد عمله ويهدده بشكل شخصي. منظمة Welthungerhilfe تعمل بشكل أساسي في التنمية وتعريف سكان القرى بحقوقهم وتدريبهم على المشاركة في الانتخابات، كما تدعمهم مالياً حتى يقيموا المشاريع الصغيرة، هذا بالإضافة إلى السعي إلى توفير المياه وبناء المدارس وتمهيد الطرق وغيرها من المشاريع التنموية.