ألمانيا: الاعتراف بفلسطين في نهاية عملية حل الدولتين
٢٢ مايو ٢٠٢٤قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبشترايت اليوم الأربعاء (22 أيار/مايو 2024) إن برلين لا تزال ملتزمة بالهدف الخاص بالتوصل إلى حل الدولتين عن طريق التفاوض بين إسرائيل والفلسطينيين، "وفي نهايته يتم القبول بوجود دولة فلسطينية قائمة بذاتها".
ورغم ذلك، أقر هيبشترايت بأن التوصل إلى مثل هذا الحل "أمر بعيد المنال في الوقت الراهن".
وقال هيبشترايت إن تسوية قائمة على حل الدولتين، تتم من خلال التفاوض وبقبول جميع الأطراف، ليعيش الإسرائيليون والفلسطينيون جنباً إلى جنب في سلام، "هي الحل الوحيد لمثل هذا الصراع مهما طال أمده". ورأى المتحدث باسم حكومة المستشار أولاف شولتس أن هذا سيتطلب "الكثير من الحنكة الدبلوماسية وربما أيضاً الكثير من الوقت".
وتعليقاً على اعتراف دول أوروبية أخرى بالدولة الفلسطينية، قال هيبشترايت: "لا يوجد حالياً طريق مختصر في هذا الصدد"، مشيراً إلى أنه لا ينبغي لأحد أن يأمل في أن يختفي هذا الصراع الصعب في الهواء فجأة "عبر إجراء دبلوماسي أو بقرار".
ومن جهته، طالب سفير السلطة الفلسطينية في ألمانيا، ليث عرفة، الحكومة الألمانية بالاعتراف بدولة فلسطين على غرار ما أعلنته حكومات كل من النرويج وايرلندا وإسبانيا في وقت سابق اليوم الأربعاء.
وقال عرفة في برلين اليوم: "بالنظر إلى المسؤولية الخاصة التي تتحملها ألمانيا تجاه قضية السلام في المنطقة والتزامها المعلن بحل الدولتين، يبقى الأمل أن تحذو ألمانيا نفس الحذو قريباً وتصف فلسطين بما هي عليه: دولة تنتظر استقلالها، لشعب ينتظر حريته".
بيربوك: نحتاج إلى حلول لا إلى سياسة رمزية
من جانبها طالبت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك باتخاذ خطوات ملموسة من أجل التوصل إلى حل سياسي للصراع في الشرق الأوسط، بدلا من "السياسات الرمزية". جاء ذلك في معرض تعليقها على إعلان ثلاث دول أوروبية -إسبانيا وإيرلندا والنرويج- اليوم الأربعاء اعتزامها الاعتراف بدولة فلسطين كدولة مستقلة.
وفي أعقاب مشاوراتها مع نظيريها الفرنسي والبولندي في إطار ما يعرف بمثلث فيمار في مدينة فيمار بولاية تورينغن الألمانية، قالت بيربوك: "لحل هذا الوضع الرهيب الذي نشهده حاليا، فإنه ليست هناك حاجة إلى اعتراف رمزي بل إن هناك حاجة إلى حل سياسي".
وأضافت السياسية، التي تنتمي لحزب الخضر، أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة هي هدف ثابت للسياسة الخارجية الأوروبية والألمانية، وقالت: "إذا كان لمجرد اعتراف بسيط أن يجلب السلام الآن في هذه اللحظة، فلا أعتقد أن أي إنسان أو أي سياسي في هذا العالم سيتردد."
وطالبت وزيرة الخارجية الألمانية مرة أخرى بإجراء مفاوضات مباشرة بين الطرفين لحل الصراع في الشرق الأوسط ولتحقيق حل الدولتين الذي سيعيش في ظله إسرائيليون وفلسطينيون جنبا إلى جنب في سلام.
ورأت أنه "يجب أن يتم إطلاق سراح الرهائن المخطوفين"، كما طالبت بإيقاف الموت والمعاناة في غزة. وطالبت أيضا بشكل عاجل بوصول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة. وتابعت بيربوك محذرة: "بدون هذه الدبلوماسية الطارئة لإدارة الأزمة، لن تصبح الدولة الفلسطينية المستقلة حقيقة واقعة".
وأعلن كل من رئيس الوزراء النرويجي يوناس جار ستوره ورئيس الوزراء الأيرلندي سيمون هاريس ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز اليوم أن حكومات بلادهم ستتم خطوة الاعتراف بالدولة الفلسطينية رسمياً في الثامن والعشرين من أيار/مايو الجاري، الأمر الذي دفع إسرائيل إلى استدعاء سفرائها لدى الدول الثلاث.
وقال بيدرو سانشيز رئيس الوزراء الإسباني إن هدف هذا التحرك هو تسريع جهود التوصل إلى وقف لإطلاق النار في حرب إسرائيل ضد حماس في قطاع غزة.
وأضاف سانشيز في جلسة للبرلمان الإسباني "نأمل في أن يساهم اعترافنا في أن تحذو دول غربية أخرى حذونا، لأنه كلما زاد عددنا، زادت قوتنا في فرض وقف لإطلاق النار وفي تحرير الرهائن المحتجزين لدى حماس، وفي إعادة تدشين العملية السياسية التي قد تؤدي إلى اتفاق سلام".
كما قال سايمون هاريس رئيس وزراء أيرلندا في مؤتمر صحفي بدبلن "اليوم، تعلن أيرلندا والنرويج وإسبانيا أننا نعترف بدولة فلسطين". وأضاف "سيتخذ كل منا الآن أي خطوات وطنية لازمة من أجل تنفيذ ذلك القرار". ودعا إلى الإفراج الفوري عن جميع الرهائن المحتجزين في قطاع غزة.
وفي أوسلو، قال رئيس الوزراء النرويجي يوناس جار ستوره إن الخيار الوحيد لحل سياسي بين الإسرائيليين والفلسطينيين هو "أن تعيش دولتان جنباً إلى جنب في سلام وأمن".
واستدعى يسرائيل كاتس وزير الخارجية الإسرائيلي سفراء إسرائيل لدى الدول الثلاث على الفور لإجراء مشاورات رداً على ذلك، وحذر من مزيد من "العواقب الوخيمة". وقال كاتس "أوجه رسالة واضحة اليوم، إسرائيل لن تتخذ موقف المتفرج أمام من يقوضون سيادتها ويعرضون أمنها للخطر".
ولقي القرار ترحيباً من السلطة الفلسطينية، التي تمارس حكماً ذاتياً محدوداً في الضفة الغربية المحتلة. كما رحبت به حركة حماس التي تحكم قطاع غزة منذ 2007.
ويشار إلى أن حركة حماس جماعة إسلاموية فلسطينية مسلحة، تصنف في ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.
مواقف دول العالم من الاعتراف؟
وتعترف بالفعل نحو 144 دولة من أصل 193 في الأمم المتحدة بدولة فلسطين، بما في ذلك أغلب دول نصف الكرة الأرضية الجنوبي وروسيا والصين والهند، إلا أنه لم يتخذ هذه الخطوة حتى الآن سوى عدد محدود من دول الاتحاد الأوروبي وعددها 27. ومعظم تلك الدول من دول الكتلة الشرقية سابقاً إضافة إلى السويد وقبرص.
وأشارت بريطانيا وأستراليا ومالطا، عضو الاتحاد الأوروبي، في الأشهر القليلة الماضية إلى أنها قد تعترف بدولة فلسطينية قريباً.
ولا تزال الولايات المتحدة، أقرب حليف لإسرائيل، تعارض الاعتراف بدولة فلسطينية في الوقت الحالي. وللولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في الأمم المتحدة، واستخدمته الشهر الماضي لمنع محاولة في المنظمة الدولية للاعتراف بدولة فلسطين.
وتقول واشنطن إنها تفضل إقامة دولة فلسطينية في نهاية المطاف، لكن فقط عن طريق المفاوضات مع إسرائيل، وهو الموقف الذي تشاركه مع قوى أوروبية بينها فرنسا وألمانيا.
خ.س/أ.ح/ م.أ.ح (د ب أ، رويترز)