حكومة ائتلاف في ألمانيا لكن مصيرها يبقى بيد قواعد الاشتراكي!
٧ فبراير ٢٠١٨بعد إعادة توحيد ألمانيا كان الحزب الاشتراكي الديمقراطي يضم نحو مليون عضو. وفي الأثناء أصبح هذا العدد في حدود 440.000 عضو تُوجه إليهم الأنظار حاليا. فبدون موافقة الرفاق ـ كما يُسمون داخل الحزب ـ لن يرى الائتلاف الحكومي الكبير بين الحزبين المسيحي الديمقراطي والمسيحي الاجتماعي والحزب الاشتراكي الديمقراطي النور. فأعضاء الحزب الاشتراكي سيتلقون قريبا بريدا إلى بيوتهم يشمل اتفاقية التحالف. وغالبيتهم ستدرس بإمعان مضمون الاتفاقية، وستتساءل هل الاشتراكيون الديمقراطيون برهنوا على وجودهم بما يكفي في البرنامج الحكومي؟ أو أن مفاوضي الحزب الاشتراكي تركوا أحزاب اليمين تضغط عليهم وتسلبهم شخصيتهم.
القاعدة تقرر
فكما كان عليه الحال قبل أربع سنوات، فإن الاشتراكيين الديمقراطيين هم الذين يملكون الكلمة الأخيرة حول اتفاقية التحالف مع الحزبين المسيحي الديمقراطي والمسيحي الاجتماعي. ويحق لكل عضو أن يصوت بنعم أو لا عبر البريد. وحتى الأعضاء الجدد يحق لهم الإدلاء بصوتهم إذا ما التحقوا بالحزب حتى الـ 6 من فبراير الجاري. ومعارضو "الائتلاف الحكومي الكبير" دعوا إلى الانضمام إلى الحزب لمنع هذا التحالف من خلال تصويت الأعضاء.
ويشهد بالفعل الحزب الاشتراكي الديمقراطي منذ مؤتمره الخاص في الـ 21 من يناير الماضي الذي أعطى بغالبية ضعيفة الضوء الأخضر لمفاوضات تشكيل ائتلاف حكومي موجة انضمام. ولا تعرف قيادة الحزب الاشتراكي ما إذا كان الأعضاء الجدد معارضين أو داعمين لمشروع الائتلاف الحكومي الكبير. وبخلاف ما بعد الانتخابات التشريعية في 2013 عندما أيد 76 في المائة من أعضاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحكومة الجديدة، قد يتمكن الرفاق هذه المرة من إفشال "الائتلاف الحكومي الكبير". فالكثير من الاشتراكيين الديمقراطيين يعتبرون أن مطالب مهمة للحزب لم تُنفذ مثلا فيما يخص لم الشمل العائلي للاجئين.
كما أنهم لم يقبلوا تغير المسار الذي نهجه زعيم الحزب مارتن شولتس بعد فشل مفاوضات جامايكا: فهو رأى مكان الحزب الاشتراكي أولا في المعارضة ثم أعلن أنه يريد قيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي للمرة الثالثة في تحالف كبير. وهذا رغم التجربة المؤلمة بأن الحزب الاشتراكي في الحكومات بقيادة أنغيلا ميركل تكبد دوما خسائر.
وتكشف استطلاعات الرأي الأخيرة أن تأييد الحزب وزعيمه مارتن شولتس وصل إلى درجة متدنية جديدة. وفي حال تدهور شعبية الحزب الشعبي لدى الناخبين، فإن ذلك سيكون له أثر على وجود الحزب.
الخوف من الانهيار
وشبيبة الحزب الاشتراكي الديمقراطي هي التي تدعو الأعضاء إلى التصويت بلا. فهم سئموا سياسة التوافق على أصغر القواسم المشتركة، معتبرين أن الناخبين رفضوا في الـ 24 من سبتمبر تشكيل ائتلاف حكومي كبير. وتعلل شبيبة الحزب الاشتراكي موقفها بالقول إن "الديمقراطية تعيش من الجدل بين المعسكرات السياسية، وهذا الجدل لا وجود له في تحالف حكومي كبير". فماذا سيحصل لو صوت أعضاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي ضد التحالف الحكومي الكبير؟
"ستُنظم انتخابات جديدة"، كما يتردد غالبا. لكن هذا لن يحصل بسهولة. فالبرلمان الألماني لا يمكن أن يحل نفسه وانغيلا ميركل أو مارتن شولتس لا يمكن لهما اقتراح انتخابات جديدة. فذلك يتعارض مع الدستور الذي يبني على الاستقرار. فواضعو القانون الأساسي أرادوا تجنب تكرار الانتخابات، كما كان يحصل اثناء جمهورية فايمار في مطلع القرن الماضي.
فما هي الخطوات القادمة في حال إخفاق الحزب الاشتراكي وحزبا الاتحاد المسيحي في تشكيل ائتلاف حكومي؟ بعدها يأتي دور الرئيس الاتحادي فرانك فالتر شتاينماير الذي يحق له اقتراح مرشح للمستشارية على البرلمان الألماني.
الخطوة الأولى: انتخاب المستشار
فالرئيس سيقترح على كل حال مرشحا للمستشارية لانتخابه. وحتى في حال فشل مفاوضات تشكيل ائتلاف حكومي كبير، فإن الشخص المقترح سيكون على أكبر تقدير زعيمة الحزب المسيحي الديمقراطي ميركل، لأنها زعيمة الحزب الذي حصل على أكبر نسبة من الأصوات في الانتخابات التشريعية. ومن أجل انتخاب ناجح وسري فهي ستحتاج إلى غالبية مطلقة من أصوات 709 برلماني.
فبعد محاولتين فاشلتين لتشكيل ائتلاف، لن تنال ربما ميركل الغالبية المطلقة. وبعدها تبدأ مهلة 14 يوما يمكن للبرلمان على أساس اقتراحات ذاتية عرض مرشح أو مرشحة لمنصب المستشار. ويحتاج ذلك إلى غالبية مطلقة للأصوات. وفي حال الفشل يجب الانتقال بعد انقضاء المهلة إلى "تصويت جديد" تكفي فيه، حسب القانون الأساسي غالبية الأصوات البسيطة.
حكومة أقلية أم انتخابات جديدة؟
وبعدها يأتي مرة أخرى دور الرئيس فرانك فالتر شتاينماير الذي يجب عليه أن يقرر ما إذا كان سيعين المرشح الجديد للمستشارية على رأس حكومة أقلية تكون مجبرة على البحث عن غالبية الأصوات داخل البرلمان لتمرير قراراتها السياسية. وكبديل لذلك يمكن له حل البرلمان والدعوة في غضون 60 يوما إلى انتخابات جديدة. إلا أن قيادة الحزب الاشتراكي لا تريد التحدث عن انتخابات جديدة قد يتجاوز فيها اليمين الشعبوي المتطرف الاشتراكيين في جني الأصوات. فالحزب يفضل الدعاية بين أعضاءه للموافقة على اتفاقية تشكيل ائتلاف حكومي دون الكشف عن الشخصيات التي ستشغل المناصب في الحكومة الجديدة. ويُذكر أن زعيم الحزب الاشتراكي مارتن شولتس المنهك الذي رفض أصلا الدخول في حكومة بقيادة ميركل أنه يتطلع الآن إلى شغل منصب وزير الخارجية. وحتى هذا التحول في المواقف قد يعزز شوكة معارضي الائتلاف الحكومي الكبير.
نينا فيركهويزر/ م.أ.م