أكثر من 1.8 مليون مسلم يؤدون عند عرفات الركن الأعظم للحج
٢٧ يونيو ٢٠٢٣يمضي الحجّاج يومهم، الثلاثاء (27 حزيران/يونيو)، بالصلاة والدعاء عند جبل عرفات قرب مكة المكرمة، في ذروة مناسك الحجّ التي شارك بها أكثر من 1.8 مليون شخص في أجواء شديدة الحرارة.
وفي الساعات الأولى من فجر الثلاثاء تدفق الحجّاج على صعيد عرفات لأداء الركن الأعظم من الحجّ، بعدما أمضوا الليل في مخيّمات مكيفة في وادي منى، على بُعد سبعة كيلومترات من المسجد الحرام في مكّة المكرّمة. وسيبقون طوال اليوم في الموقع نفسه، يصلّون ويبتهلون ويتلون القرآن الكريم، والكثير منهم أعتلى جبل الرحمة وجلسوا بين صخوره.
وبعد غروب الشمس، يتوجّه الحجّاج إلى مزدلفة، في منتصف الطريق بين عرفات ومنى، ليناموا في الهواء الطلق، قبل بدء رمي الجمرات الأربعاء، أول أيام عيد الأضحى.
وأعلنت وزارة الحج والعمرة السعودية اكتمال عمليات التفويج والتصعيد إلى مشعر عرفات، وخلو مشعر منى من الحجاج اليوم الثلاثاء، منذ الساعة الـ 10 صباحًا. وأوضحت الوزارة، في بيان أوردته وكالة الأنباء السعودية (واس)، أن نسبة الالتزام بالتفويج تجاوزت 98%، وذلك وفقًا للعدد المستهدف من وسائل النقل، وهو 20 ألف حافلة بأنماط النقل كافة وهي الترددي، والتقليدي، بالإضافة إلى استخدام الطاقة الكاملة لنقل الحجاج عبر قطار المشاعر المقدسة.
وأفادت بأنه تم نقل الحجاج بكل يسر وسهولة وفق الجدول الزمني المحدد لذلك، كما أدّى الحجاج صلاتي الظهر والعصر في عرفة، وفق الخطط المنظمة لذلك، ومن ثم ستتم نفرتهم من مشعر عرفات إلى مشعر مزدلفة بانسيابية حسب الخطط المحددة لهم، بعد ذلك ستتم إفاضتهم إلى مشعر منى فجر غدٍ الأربعاء.
ووصل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الثلاثاء إلى منى لتفقد الحجاج والوقوف على جودة الخدمات المقدمة لهم، وفق وكالة الأنباء السعودية الرسمية. ووفق وكالة الأنباء السعودية ( واس) ، جاء ذلك نيابة عن "خادم الحرمين الشريفين" الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
وعلى امتداد جبل عرفات، بكى حجّاج تأثرا وهم يصلّون في أجواء شديدة الحرارة، وقد حملوا مظلات للوقاية من درجة الحرارة التي بلغت 40 درجة قبل منتصف النهار. ورغم تعبيرهم عن سعادتهم، يشكوا الحجاج هذا العام من الحرارة الشديدة، فيما بلغت درجة الحرارة في منى الثلاثاء 48 درجة مئوية، بحسب قناة الإخبارية.
موسم حج بدون قيود كورونا
وحددت قوات الأمن السعودية نقاط دخول وخروج من المنطقة الجبلية الواسعة. وحلقت طائرات مروحية عسكرية فوق الجبل. وانتشر رجال أمن يحملون مظلات بيضاء في أرجاء المكان.
يُقام موسم الحجّ هذا العام بدون أي قيود لناحية أعداد الحجاج أو أعمارهم، بعد ثلاثة مواسم كان فيها الحج محدودا على خلفية تفشي جائحة كوفيد. والحجّ أحد أكبر التجمّعات الدينيّة السنويّة في العالم.
يشارك أكثر من 1.8 مليون مسلم في موسم الحج هذا العام، حسبما قالت الهيئة العامة للإحصاء في السعودية، ما يقلّ كثيرًا عن توقعات السلطات السعودية بتسجيل "أكبر موسم حج في التاريخ".
وذكرت الهيئة العامة للإحصاء الثلاثاء أن "إجمالي أعداد الحجاج لموسم حج 1444هـ 1,845,045 حاجًّا وحاجَّة". ووصل أكثر من 1.62 مليون حاجّ من خارج المملكة، على ما أعلنت السلطات السعوديّة الأحد.
وفي 2019، شارك نحو 2.5 مليون مسلم من جميع أنحاء العالم في المناسك. لكنّ تفشي فيروس كورونا أجبر السلطات السعوديّة على تقليص الأعداد إلى حدّ كبير، فشارك فيها فقط 60 ألف مواطن ومقيم العام 2021 مقارنة ببضعة آلاف عام 2020، و926 ألف حاج في 2022.
خدمات للتخفيف من ارتفاع درجات الحرارة
قد يكون الحجّ مرهقًا جسديًا، حتّى في الظروف المثاليّة. إذ يؤدي الحجاج المناسك، والكثير منها في الهواء الطلق، تحت شمس حارقة وفي أجواء خانقة، تتسبب في كثير من الأحيان في ضربات شمس وحالات إعياء إضافة إلى توقف عضلة القلب، حتى أن الهواتف الذكية تتوقف عن تأدية بعض المهام ما لم "تبرد".
وتوقع المركز الوطني للأرصاد أن تراوح درجات الحرارة في مكة بين 43-45 درجة نهارا خلال موسم الحج.
وأقامت السلطات الكثير من المرافق الصحّية والعيادات المتنقّلة وجهّزت سيّارات إسعاف ونشرت 32 ألف مسعف لتلبية احتياجات الحجّاج. وحذرت الحجاج من التعرض "لضربات الشمس". وأقامت مركزا صحيا مخصصا لاستقبال حالات الإجهاد الحراري.
وفي أرجاء المكان، تمركزت شاحنات كبيرة توزع المياه الباردة وأخرى توزع أكياسا بلاستيكية بها مأكولات خفيفة. وانتشر عمال يحملون أكياسا خضراء لجمع مخلفات الحجاج، فيما كتب على حاويات القمامة الخضراء "معا ... للحفاظ على أطهر بقاع الأرض".
ويعد تحمُّل بعض مناسك الحج مشقة، إذ لا يمكن للرجال وضع قبّعات منذ لحظة الإحرام ونيّة الحجّ. وخلال هذا الأسبوع، شوهِد كثيرون في المسجد الحرام يحمون أنفسهم بالمظلات وسجّادات الصلاة والأوراق المقوّاة، فيما تُغطّي النساء رؤوسهنّ بالحجاب.
حوادث تدافع على مر العقود
والأربعاء، يُشارك الحجّاج في رمي الجمرات، آخر أهمّ المناسك - وقد أدّت في السنوات الماضية إلى عمليات تدافع مميتة - قبل أن يتوجّهوا إلى المسجد الحرام في مكّة لأداء "طواف الوداع" حول الكعبة، في أوّل أيّام عيد الأضحى.
على مر العقود، وقعت الكثير من الحوادث راح ضحيتها المئات بسبب عمليات تدافع في الأماكن الضيقة. لكنّ لم تسجل أي حوادث كبيرة منذ العام 2015 حين تسبّب تدافع أثناء شعائر رمي الجمرات في منى قرب مكة بوفاة نحو 2300 من الحجيج في أسوأ كارثة على الإطلاق في موسم حج. وقامت السلطات السعودية بعدها بتشييد مبنى ضخم متعدد الطوابق مخصص لرمي الجمرات لتفادي أي ازدحام أو حوادث.
خ.س/ف.ي (أ ف ب، د ب أ، رويترز)