أفلام الكرتون في الربيع العربي: من نكتة مروية إلى نكتة مرئية
١٣ مايو ٢٠١١تستهوي أفلام الرسوم المتحركة الكبار والصغار، فهي تلعب دورا كبيرا في تطوير خيال الأطفال، كما تحمل قصصا هادفة تتجاوز حدود العمر، وتثير اهتمام الكبار أيضا. ولعل أبرز مظاهر هذا الاهتمام، قد ظهر أخيرا خلال ربيع الثورات العربي، حيث انتجت أفلام كارتونية قصيرة سياسية هادفة، اختلط فيها الجد مع النكتة ليحاولا معا الوصول إلى عقل وقلب المشاهد. حول هذا الموضوع استضاف القسم العربي في دويتشه فيله المخرج وأستاذ الرسوم المتحركة في كلية الفنون الجميلة بجامعة المنيه في مصر، الدكتور محمد غزاله، الذي يشارك كعضو في اللجنة التحكيمية لمهرجان شتوتغارت لأفلام الرسوم المتحركة، وحاورته حول فلم الرسوم المتحركة العربي.
دويتشه فيله: دكتور محمد لنبدأ مع التأريخ اولاً، متى أنتج أول فيلم مصري للرسوم المتحركة؟
محمد غزالة: في الحقيقة نحتفل هذه السنة 2011 بالذكرى الـ"75" لعرض أول فلم للرسوم المتحركة، وذلك في القاهرة عام 1936 في سينما كوزموس، وكان من إنتاج الأخوين "فرانكل" وهما مهاجران روسيان إلى مصر. وكانا قد تأثرا بشكل عميق بأفلام والت ديزني في أوائل الثلاثينات وأواخر العشرينات. وهي ذكرى مهمة، فهي تمثل أول عرض في الوطن العربي والشرق الأوسط بل وكل أفريقيا أيضا. فقبل ذلك لم تكن هناك أي أفلام رسوم متحركة، غير التي كانت تأتي من الولايات المتحدة الأميركية لأفلام والت ديزني.
ما هي أبرز شخصية كارتونية على مدى تاريخ التلفزيون في مصر؟
لم يكن هناك في الحقيقة اهتمام كبير بشخصية بطلة، كما هو الحال في الأفلام الأميركية، حيث كانت القصة تتمحور حول شخصية البطل. فالبطل كان القصة بحد ذاتها بالإضافة إلى الشخوص التي تمثل القصة. كانت هناك محاولات منذ بداية تأسيس التلفزيون المصري وكانت هناك مجموعة حاولت تأسيس قسم للرسوم المتحركة في التلفزيون منذ أوائل الستيناتن مثل علي مهيب ونصحي أسكندر وقائمة طويلة من الرواد.
لكن يمكن أن نقول أن أول شخصية حققت نجاح وشعبية كبيرة هي شخصية بكّار، التي أنتجتها الفنانة منى ابو النصر في أوائل التسعينات. والتي حققت انتشارا واسعا بين الأطفال والمراهقين. فقد كان المسلسل يعرض في وقت الذروة الجماهيرية في رمضان. ففي كل سنة كان هناك موسم جديد لبكّار واهتمام عميق من قبل المشاهدين.
لنعود إلى الحاضر. ما الدور الذي لعبته أفلام الرسوم المتحركة خلال الثورة المصرية؟
الرسوم المتحركة قبل الثورات العربية، كانت مختصة فقط للعرض عبر التلفزيونات الحكومية والمحلية، والتي كانت تحمل أفكارا معينة تخدم التوجهات الرسمية للدولة. لم يكن هناك فلم مستقل، اللهم إلا تلك التي كانت تنتج من قبل طلبة كليات الفنون أو معهد السينما.
كما لم يكن هناك عمل فني بالمعنى الحرفي، كانت كلها تجارب فنية تشكيلية. ولم يكن من المسموح إنتاج أفلام نقدية أو معادية للتوجه الرسمي سياسيا أو اجتماعيا. أثناء الثورة، وخاصة خلال ثورة تونس، ظهرت مجموعة من الأفلام، تتكلم عن الرئيس التونسي وكيفية هروبه من تونس إلى السعودية وكيف كان يحاول إيجاد ملجأ له، مجموعة الأفلام هذه كان لها اثر كبير دفع بفنانين آخرين، لانتقاد الرئيس التونسي ورؤساء دولهم أيضا، لكن بصورة مختلفة وبإسقاطات سياسية مختلفة.
وبعد الأفلام التي تنتقد الرئيس التونسي بدأت تظهر أفلام تنتقد الرئيس المصري والليبي والرؤساء العرب الآخرين في اليمن وسوريا. وبدأت موجة كبيرة تنتشر عبر الفيس بوك وشهدت رواجا واسعا بين الشباب، الذين نشروها بشكل أوسع.
كما بدأ يظهر اهتمام بنوعية من الرسوم المتحركة، لم تكن موجودة قبل ذلك أسهم الفيسبوك في انتشارها بشكل كبير. كما بدأ فنانون كانوا يعملون أساسا في استوديوهات بان يدلوا بدلوهم، بعد أن كانوا تروسا في ماكينة كبيرة تعمل في إنتاج أفلام الرسوم المتحركة وعانوا خلال توقف الإنتاج خلال فترة الثورة.
بدأ هؤلاء الفنانون ينتجون أفلاما قصيرة في البيت وينتقدون فيها رئيس الدولة. كانوا يقولون نكات على الرؤساء بشكل مصور. فقد كانت النكات تقال في المقاهي في الجلسات الخاصة بشكل سري، أما خلال هذه الفترة فقد أصبحت النكتة مصورة ومباشرة وأكثر وضوحا وأكثر انتشار عن طريق الفيسبوك أو اليو تيوب. وأصبحت الرسوم المتحركة خلال وبعد الثورة، أكثر وضوحا ونقدا ومباشرة في تناول القضايا. أعتقد أن تناول قضايا الرسوم المتحركة سيتمتع في المستقبل بحرية أكبر.
حاوره: عباس الخشالي
مراجعة: لؤي المدهون
الدكتور محمد غزاله مخرج وأستاذ للرسوم المتحركة في كلية الفنون الجميلة بجامعة المنيه في مصر، يشارك كعضو في اللجنة التحكيمية لمهرجان شتوتغارت لأفلام الرسوم المتحركة.