أطفال الجزائر يئنون تحت كاهل ثقل الحقائب المدرسية
٤ نوفمبر ٢٠١٣تنقلت DWعربية بين عدد من المدارس بالجزائر العاصمة للوقوف على معاناة التلاميذ من ثقل الحقائب المدرسية وخطر ذلك على صحتهم. وقال لنا لخضر موساوي، وهو أب لطفلين: ''كثيرا ما تضطر زوجتي لمرافقة ابني وحمل حقيبته لأن وزنها يفوق طاقته"، وأضاف "ثم تعود في المساء مجددا إلى المدرسة وتنتظر خروجه لتحمل الحقيبة المدرسية عنه".
وتشاطره الرأي نصيرة مزهود، وهي أم لأربعة أولاد، ثلاثة منهم في المدرسة ''لا أخفي عليكم أن ابني الأصغر يشكو ألما في ظهره دائما وإرهاقا مستمرا حتى إنه أحيانا يفضل عدم الذهاب إلى المدرسة''.
كما يعترف بعض الأساتذة والمعلمين الذين التقينا بهم بهذه المشكلة، حيث قالت لنا المعلمة آسيا: ''سعينا لأن نخفف من ثقل المحافظ على التلاميذ، لأننا نعرف أن ذلك سيؤثر على الصحة وعلى التركيز طبعا، وقمنا بوضع قائمة لأدوات الصباح وأخرى خاصة بأدوات المساء حتى نسمح للتلاميذ باستبدالها قبل الحضور إلى المدرسة، إلا أن ذلك لا يكفي".
طرق بعيدة إلى المدرسة
ولا تزال مشكلة المحفظة المدرسية تثير مخاوف أولياء أكثر من 8 ملايين تلميذ، خاصة تلاميذ المدارس الابتدائية والمتوسطة. فرغم الإجراءات التي لجأت إليها وزارة التربية بتحديد قائمة للأدوات المدرسية وحديثها عن عقوبات للمخالفين، إلا أن المتتبعين للشأن التربوي يعتبرون أن ذلك ليس حلا للقضاء على مشكلة ثقل حقيبة المدرسة، باعتبار أن آلاف التلاميذ يدرسون بمؤسسات بعيدة عن منازلهم وملزمون بأخذ مستلزمات الصباح والمساء من كراريس وكتب.
ويرى مختصون أن تقليص حجم الكراريس والأدوات المدرسية من قبل وزارة التربية الوطنية ليس حلا للقضاء على مشكل المحفظة الثقيلة، التي تتسبب في عواقب وخيمة على صحة الأطفال، باعتبار أن الوزارة حافظت على قائمة الكتب المدرسية والتلميذ لازال مجبرا على حملها. ويضطر تلاميذ المناطق النائية إلى قطع أزيد من 5 كيلومترات أحيانا للوصول إلى مدارسهم، ما يجعلهم مجبرين على حمل مستلزمات الصباح والمساء.
مئات التلاميذ مصابون باعوجاج العمود الفقري
يوافق الخبراء في المجال الطبي على أن الحقائب الثقيلة مسألة خطيرة. وقال البروفيسور خياطي في حديث مع DWعربية إن المحافظ الثقيلة تؤدي إلى الإصابة بداء السكوليوز. وأضاف: "خطورة هذه المحافظ تكمن في أن أعراضها لا تقتصر على آلام الظهر فقط، بل تتسبب في الإرهاق والتعب بسبب ضيق القفص الصدري من الجهة المقابلة للاعوجاج الذي يضغط على الرئة، إضافة إلى تشوّه شكل الجسد وظهور الحدبة".
وقال إن بعض المشاكل الصحية بدأت تنتشر في أوساط تلاميذ المدارس الابتدائية، حيث سجلنا خلال السنة الجارية إصابة 203 تلاميذ بهذا الداء مع وجود التواء في العمود الفقري يمينا أو يسارا".
وأضاف البروفيسور خياطي "الوزن الذي يحمله التلميذ قد يصل إلى 15 كيلوغراما، فيما لا يتعدى وزن الطفل في التاسعة من العمر 30 كيلوغراما، أي أن التلاميذ مجبرون يوميا على حمل نصف وزنهم على أكتافهم، فيضطرون إلى الانحناء إلى الأمام لحفظ توازنهم، ليجدوا أنفسهم مع مرور الوقت مصابين بداء السكوليوز". وحسب رأيه لا يجب أن يتجاوز وزن المحفظة 10 بالمائة من وزن التلميذ.
من جهتها أكدت الأخصائية في علم النفس المدرسي زريقة أحمد لـ DWعربية أن ''المحفظة الثقيلة لها تأثير سلبي على نفسية التلاميذ وتحصيلهم التعليمي والمعرفي". مضيفة في توضيح منها "أن عدة دول تعمد إلى توفير أدراج خاصة بالتلاميذ في مختلف الأطوار لتجاوز إشكالية ثقل المحفظة، إلا أن المشكل في الجزائر يكمن في كثافة البرامج التربوية وتخفيفها سيساهم بدرجة كبيرة في القضاء على هذه المشكلة".
انتعاش سوق "محافظ العجلات"
معاناة التلاميذ حولت بيع المحافظ المجرورة إلى تجارة رائجة، حيث تعرف محلات بيع اللوازم المدرسية إقبالا غير مسبوق على المحافظ ذات العجلات، والتي ارتفعت أسعارها بشكل ملفت لتتراوح بين 1500 و2500 دينار جزائري. ويفضل الأهل هذا النوع من المحافظ لتخفيف الحمل على أطفالهم. وأمام هذه المخاطر؛ يبقى التلميذ ينتظر حلولا لوضع حد لمعاناته رغم كل الوعود التي ”تزفها” الوزارة ودعوة النقابات للتقليل من حجم الكتب والكراريس والاهتمام أكثر بالمجال الاستيعابي للمواد المقررة.