أزمة حياد في وسائل الإعلام العربية
١١ يوليو ٢٠١٣الحيادية و المسؤولية الأخلاقية تعدان من المزايا الأساسية بالنسبة للصحفيين ولأي وسيلة إعلامية. لكن ما شاهدناه خلال الأيام القلية الماضية أظهرتانقسام وسائل الإعلام العربية بين من يؤيد الرئيس المصري المخلوع وإخوان المسلمين و أخرى تعارضه، رغم أن وسائل الإعلام العربية خصوصاً الإخبارية التي تتبع القطاع الخاص تدعي التزامها الحياد التام والمهنية في طرحها للمادة الإعلامية والإخبار، إلا أن ما شاهدته خلال الأيام القليلة الماضية أثبت لنا العكس تماماً، حيث غلب عليها لغة التحريض ورفض الآخر.
ذهبت بعض وسائل الإعلام العربية لأبعد من ذلك، فبدلاً من تحليل ما يحدث على أرض الواقع كما هو بدأت بعض قنوات إخبارية بعينها عدم الالتزام بالحياد وتبرير التصرفات والإجراءات التي يتخذها كل طرف سواء أنصار الرئيس المخلوع " محمد مرسي " وأنصاره من تيار الإخوان المسلمين، أو معارضي " محمد مرسي " المتمثلين في الجيش وحركة ما بات يعرف بحركة التمرد المعتصمين في ميدان التحرير.
كما لوحظ أثناء استضافة هذه القنوات لضيوفها إما في الأستوديو أو على الهاتف أو عبر الأقمار الصناعية انحيازهم التام لطرف بعينه لكي يؤيد ما تطرحه القناة الإخبارية.
فعلى سبيل المثال ، فإن قناة الجزيرة بمختلف قنواتها الفرعية كالجزيرة مباشر والجزيرة مباشر مصر، تحولت منذ اليوم الأول لاندلاع الأزمة في مصر الى منبر داعم ومروج لحركة الإخوان وأنصار الرئيس المصري السابق، كما لوحظ على مذيعيها السكوت وترك المجال لأنصار الإخوان بأن يتحدثون بمطلق الحرية حتى لو حرض على القتل إلا إذا أساء المتصل الأدب وأستخدم كلمات نابية.
أثناء تجمع أنصار " مرسي " في " رابعة العدوية " ومعارضيه في ميدان التحرير في نفس اليوم، كانت قناة الجزيرة مباشر ومباشر مصر تنقل هذه الأحداث معاً، لكن بطريقة غير حيادية، حيث كانت قنوات الجزيرة تبث الصورتين معاً لكن بصوت المجتمعين في رابعة العدوية حيث كنا نسمع الشعارات الني كانت تتردد من قبل أنصار مرسي والتي كانت في الغالب تحريضية. ولم تكن قناة الجزيرة الوحيدة في مناصرة الإخوان ورئيسها السابق بل شاهدنا قنوات إخبارية أخري كقناة الحوار وقنوات أخرى سلكت نفس النهج في تقديم مادتها الإعلامية حول الأزمة المصرية.
والملفت في الموضوع إن قناة الجزيرة الناطقة بالإنجليزية إلتزمت الحياد قدر المستطاع رغم بعض الملاحظات على ما يرد في تقاريرها.
"الجزيرة مع مرسي والإخوان والعربية ضدهم"
ومن الملاحظ أن القنوات المحلية في مصر من بينها قنوات حكومية انحازت لما أقدم عليه العسكر في إسقاط حكم مرسي، ويمكن تفهم هذا، لأن هذه القنوات كانت ولا تزال تحاز للأقوى حتى أبان حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، ولم تغير من موفقها حيال ثورة الخامس والعشرين من يناير إلا بعد سقوط حكم مبارك.
أما في الجانب الآخر فكانت القنوات الإخبارية العربية الأخرى كقنوات " العربية " و "سكاي نيوز عربية " أيضاً تجاهر بانحيازها التام لصالح معارضي مرسي ومؤيدو العسكر.
فنادرا ما كنا نشاهد في قنوات كهذه أن تستضيف شخصية محسوبة على الإخوان أو أن تنقل ما يجري في رابعة العدوية حيث يتجمع أنصار الإخوان، كما أن تلك القنوات كانت تبث صور وأفلام تدين الإخوان من دون الإشارة حتى لبعض ما تعرض له أنصار مرسي وحركة الإخوان للاعتداء أو أعمال العنف. كما انها نادراً ما كانت تنقل ما يحدث في الميادين التي يجتمع فيه أنصار مرسي و الإخوان، وكانت تركز على الأمور الأمور السلبية التي تدين الإخوان سواء ببث الصور والأفلام التي كانت تنسب لأنصار الحركة أو باستضافة شخصيات من معارضي مرسي من دون وجود من يمثل حركة الإخوان أو أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي.
لكن السؤال الذي يثير نفسه هو: هل وسائل الإعلام العربية بشكل عام ،والإخبارية منها بشكل خاص فقدت الالتزام بالحياد والإحساس بالمسؤولية الأخلاقية حيال مبادئها المهنية بهذا الشكل لكي تكون جزءا من المشهد السياسي المصري، بدلاً من أن تقف في حياد تام مما يجري فيه وتنقل الحقائق كما هي، وهل تحولت إلى لاعب أساس في الأزمة؟