أبناء قبيلة الجهالين يرفضون خطة إسرائيلية بهدف ترحيلهم
٢٦ يوليو ٢٠١٣ُولد عيد أبو خميس قبل 46 عاما - وهو ينتمي لقبيلة الجهالين، وتوجد بلدته بالضبط على التل الذي استقرت فيه عشيرته في صحراء النقب بين القدس وأريحا. وتتكون قريته من مساكن مؤقتة بسيطة، تثير انتباه كل من يقود سيارته في الطريق السريع الذي يؤدي إلى البحر الميت. وقد لا تبدو القرية جذابة بالنسبة للناظرين، ولكن بالنسبة لأبي خميس، فهي تمثل الجذور والأصل. ومن يمعن النظر في القرية يكتشف نوعا من النظام، إذ تبدو الأكواخ البسيطة من الجلد والقصدير نظيفة وفي صيانة جيدة. غير أنه إذا اشتدت حرارة الصيف فإن أبو خميس يفضل ساحة صغيرة قبالة كوخه، تتخللها ظلال نباتات الكرمة، ويفترش فيها سجادا فوقه وسادة كبيرة. ومن هناك يمكنه مراقبة قطيعه من الماعز وهو يرعى. ويعيش أبو خميس في منطقة "ج" من الضفة الغربية، وله شعور وكأنه "ملك الصحراء" هناك، إلا أن هذا الشعور قد يتلاشى قريبا.
فقد قررت السلطات الإسرائيلية ترحيل 23 عشيرة من قبيلة الجهالين، ما يمثل قرابة خمسة آلاف شخص، وإعادة توطينهم في مدينة جديدة بالقرب من أريحا. وكانت الحكومة الإسرائيلية قد صادقت على خطة أسمتها "تسوية أوضاع الاستيطان البدوي في النقب"، واعتمدت في قرارها على تقارير لجنة "القاضي غولندبرغ" و"تقرير برافر" لتنفيذ عملية نقل بدو النقب. من بين حوالي 160 ألف من البدو في إسرائيل يعيش أكثر من نصفهم في قرى في النقب ولا يستفيدون من الخدمات البلدية مثل التزويد بالمياه والكهرباء لان السلطات الإسرائيلية لا تعترف بهم.
وفي قرية أبو خميس تم توزيع ما لا يقل عن 12 قرارا إداريا بخصوص الهدم، بما في ذالك المدرسة التي يرتادها حوالي مائة تلميذ. "إننا تحت ضغط دائم" يقول أبو خميس، فالأطفال قلقون ويسألون الوالدين باستمرار عن مستقبلهم. "لقد فرض علينا العيش في عدم اليقين".
بين التقاليد والحداثة
خلافا للكثير من البدو تغير حياة قبيلة الجهالين ولم يعد أفرادها يعيشون حياة الرحل كما كان في الماضي. ويقول أبو خميس إنه يريد الجمع بين أفضل العناصر في كلا أسلوبي الحياة. "عادة يسعى الإنسان للتطور وعدم تكبيل نفسه بالتقاليد، ولكننا نسعى للحفاظ عل طابع حياتنا البدوية".
وحسب أبو خميس فقد سبق أن تم ترحيل قبيلة الجهالين عام 1951 من تل عراد إلى صحراء النقب، وقال إنه لا يزال يطالب بالحقوق في عقارات وأملاك عائلية هناك، وهو يطالب الإدارة الإسرائيلية إما بإعادة توطينهم في أراضيهم الأصلية أو ببناء إقامات في الموقع الذي يستقرون فيه اليوم، حتى يكون لدى الغنم والإبل مساحات كافية للرعي.
وتخطط الإدارة الإسرائيلية لمنح كل أسرة بدوية 500 متر مربع في المدينة الجديدة التي تعتزم تشييدها، وهي مساحة كافية لبناء بيت كبير، إلا أن ذلك لا يراعي حجم أسر كثيرة تشمل حوالي عشرين طفلا.
جدل حول ملكية الأراضي
ويرى مورلاديخي كيدار من جامعة بار إيلان الإسرائيلية أن جوهر المشكل يكمن في مشكل الملكية، ويعتبر أن الجهالين لا يملكون الأراضي، التي هي ملك للدولة، حتى عندما كانت الضفة الغربية تخضع للأردن. ويتساءل كيدار:"فهل يلزم تركهم يعيشون حياتهم التقليدية أو إجبارهم على تبني أسلوب حياة الدولة الحديثة مع مراعاة حاجياتهم ومنحهم قطعا أرضية كبيرة؟
وتدافع منظمة "بيمكوم" الإسرائيلية التي تعنى بحقوق الإنسان عن مطالب قبيلة الجهالين، مدعومة في ذلك من قبل المهندسين المعماريين. "في نيوي آيميه" وهي المدينة المُخطط لها،حيث يعتبرون أنه لا يمكن لهم العيش والحفاظ على وجودهم" على حد تعبير آلون كوهين ليفشتس من منظمة "بيكوم". ويضيف إن بدو النقب يعيشون هناك أصلا كلاجئين. ويضيف أن الحكومة الإسرائيلية تسعى الى ترحيل كل البدو المستقرين بالقرب من مستوطنة معالي آدوميم وفتح معبر بين القدس والبحر الميت. ويعني ذلك عمليا: تقسيم الضفة الغربية إلى جزئيين.
وقد أظهرت تجارب ترحيل سابقة نتائج متفاوتة في هذا الموضوع، فبعض البدو تكيف مع حياة الحواضر واندمج فيها والبعض الآخر لم يتمكن من ذلك. بل هناك من نصب خيمة أمام بيته الجديد وترك الحيوانات تعيش في البيت. "من الممكن إبعاد البدو عن الصحراء" يقول كيدار "غير أن إبعاد الصحراء عنهم فهو موضوع آخر".