أبرز محطات العلاقات بين ألمانيا وإسرائيل
١٧ مارس ٢٠٠٨بمناسبة الذكرى الستين على تأسيس دولة إسرائيل، توجهت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس الأحد 16 مارس/آذار إلى إسرائيل في زيارة وصفت "بالتاريخية". وتبرز أهمية هذه الزيارة، التي تستغرق ثلاثة أيام، في كونها الأولى من نوعها لمستشار ألماني يلقي كلمة أمام الكنيست الإسرائيلي منذ بدء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في عام 1965.
والملاحظ أن العلاقات الألمانية الإسرائيلية مرت بمحطاتٍ عدة، إلا أنها غالباً ما تميزت بالمبادرة الألمانية نظراً للمسؤولية التاريخية الخاصة، التي تحملها ألمانيا تجاه إسرائيل، على ضوء ما ارتكبه النظام النازي في حق اليهود. ففي عام 1951 أطلق المستشار الألماني آنذاك، أدناور، أول اعتراف أعلن فيه مسؤولية الشعب الألماني عما كابده اليهود إبان الحكم النازي. أعقبه في عام 1952 توقيع الطرفين على اتفاق يلزم ألمانيا بدفع تعويض لإسرائيل يبلغ قرابة 80 مليار مارك. ورأى كثير من الإسرائيليين حينها أن هذا الاتفاق من شأنه أن يبرئ ألمانيا من التزاماتها التاريخية تجاه الشعب اليهودي.
الضغوط العربية حالت دون إقامة علاقات دبلوماسية بين ألمانيا وإسرائيل
إلا أن التعاون الفعلي بين الطرفين بدأ مع مطلع عام 1957 عبر اتصالات سرية لتطوير الترسانة التسليحية. الأمر الذي شجع إسرائيل لاحقاً على السعي إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع ألمانيا، تُوجت في عام 1965 بفتح القنوات الدبلوماسية بشكل رسمي بين البلدين في عهد المستشار الألماني إيرهارد بعد إخفاق أدناور في تحقيق ذلك في عام 1963 بسبب الضغوط العربية آنذاك. وقد آتت هذه العلاقات أُكلها في عام 1967، إذ تمخضت عن ولادة غرفة التجارة الألمانية الإسرائيلية في تل أبيب.
والجدير بالذكر أن ألمانيا الشرقية بقيت في منأى عن التطبيع مع إسرائيل واختارت التحالف الشيوعي مع السوفييت في منحى معارضٍ للغرب.
"علاقات طبيعية ذات خلفية خاصة"
وعلى الرغم من الاعتراف الدبلوماسي المتبادل بين ألمانيا وإسرائيل، إلا أن أول زيارة لمسؤول حكومي جاءت في منتصف عام 1973 بمبادرة من المرشح الألماني للمستشارية آنذاك، فيلي براند، الذي وعد بإقامة "علاقات طبيعية مع إسرائيل ذات خلفية خاصة" في حين رأى الإسرائيليون أن علاقات إسرائيل بألمانيا "علاقات خاصة". وقد أعقب بعد عامين من هذه الزيارة زيارة المرشح الإسرائيلي لرئاسة الوزراء إسحق رابين إلى ألمانيا.
ويجدر التنويه إلى أن العلاقات بين الطرفين شهدت فتوراً واضحاً قبل زيارة براند، سببه قتل رياضيين إسرائيليين أثناء أولمبياد ميونيخ عام 1972.
وبعد رفع الحظر عن اللغة الألمانية في وسائل الإعلام الإسرائيلية، قام الرئيس الألماني فايتسكر في عام 1985 بأول زيارة إلى إسرائيل على مستوى رئيس الدولة، قابلها الطرف الإسرائيلي بالرضا والاستحسان بعد أن ركز فايتسكر في كلمته بشكل خاص على الجرائم النازية بحق اليهود واعتبر استسلام ألمانيا بمثابة تحرير، فكان الرد الإسرائيلي بعد سنتين بزيارة مماثلة للرئيس الإسرائيلي هرتسوك إلى ألمانيا، استقبلها الألمان بالترحاب.
الوحدة الألمانية أثارت حفيظة الإسرائيليين
إلا أن وحدة الألمانيتين أثارت توجس الإسرائيليين وأعادت إلى ذاكرتهم مآسي الفترة الهتلرية. وقد عبّر عن ذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين الذي وصف الوحدة الألمانية بأنها "خطر قاتل لليهود". لكن وزير خارجيته موشي آرنز هدأ من روع الإسرائيليين حينما أعلن في زيارة له إلى ألمانيا الموحدة في مطلع 1990 بأن "على العالم أن لا يخشَ من ألمانيا ديمقراطية".
وكأول رئيس ألماني يفعل ذلك، ألقى الرئيس الألماني السابق يوهانيس راو في عام 2000 كلمة أمام الكنيست الإسرائيلي جاء فيها: "أواجه الشعب الإسرائيلي بالانحناء متواضعا أمام القتلى الذين ليس لهم قبر. أتوجه إليه لطلب السماح منهم".
وفي عام 2005 ، زار الرئيس الألماني الحالي هورست كولر إسرائيل وتحدث بالألمانية أمام الكنيست مع بعض العبارات بالعبرية. وفي عام 2005 افتتح وزير الخارجية الإسرائيلي سيلفان شالوم النصب التذكاري للمحرقة النازية في برلين.
وتأتي زيارة المستشارة الألمانية ميركل ضمن إطار الجهود التي قام بها مؤخراً رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت أثناء زيارته هذا العام لبرلين، حيث كان قد التقى ميركل واتفق معها على ترتيبات هذه الزيارة بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس دولة إسرائيل.